المقالات

الشيعة أقلية وإن كانوا أكثرية مادام ابن العاص والأشعري في الساحة

1666 13:24:00 2008-12-21

( بقلم : حسن الهاشمي )

الديمقراطية تعني ما تعنيه حكم الأكثرية مع حفظ حقوق الأقليات ضمن قوانين ملزمة مدونة في دساتير الأنظمة الديمقراطية في العالم، بيد أن هذه المعادلة تنعكس تماما عندما يشكل أتباع أهل البيت أكثرية في بلد ما، فإنهم يتحولون بقدرة قادر إلى أقلية لاسيما عند توزيع المناصب والحقائب الوزارية، ولتقريب الفكرة أكثر لنأخذ التجربة العراقية ونقارنها بالتجربة الأفغانية باعتبار أن الدولتين قد طالهما رياح التغيير الديمقراطي بعد أحداث أيلول عام 2003م، فإن أتباع أهل البيت يشكلون ثلث سكان أفغانستان وأنهم قد حصلوا على ستة وزارات خدمية في حكومة كرزاي وليس لهم من المناصب والوزارات السيادية أي نصيب باعتبار أنهم يشكلون أقلية.

ويا حبذا يتم تسقيط هذه الساسة في العراق الذي يشكل أتباع أهل البيت فيه أكثر من سبعين في المائة والسنة بما فيهم الأكراد والأقليات يشكلون الثلاثين في المائة المتبقية، ولكن الواقع على خلاف ما يتطلبه النظام الديمقراطي، فإن الساسة وبمساندة القوات المتعددة الجنسيات وبأعذار واهية قد وزعوا المناصب السيادية بالتثليث على الشيعة والسنة والأكراد، أي أن نسبة السنة أصبحت الثلثين والشيعة الثلث وهكذا قد حولوا الأكثرية إلى أقلية؟! وخلفيات هذه المؤامرات التي تحاك ضد الشيعة متعددة أهمها ما تقوم به الأنظمة العربية الطائفية التي تدفع المليارات لعملائها في أفغانستان والعراق لدعم الحكم السني وتهميش الشيعة وابعادهم حتى عن استحقاقاتهم الإنتخابية، وكذلك ما تعلمه قوات المتعددة الجنسيات عن أتباع أهل البيت أنهم أصحاب مواقف وثوابت لا يمكن بحال من الأحوال التنازل عنها في دهاليز المباحثات السياسية.

وفي هذا الإطار فقد جندت الأنظمة العربية الطائفية كل طاقاتها من أجل إجهاض التجربة الديمقراطية في العراق وبات همها الأول والأخير وضع العصي في هذه العجلة الفتية أو لا أقل إفشال الحركات الإسلامية الشيعية التي لها حصة الأسد من مقاعد مجلس النواب وبالتالي إفشال حكومة الأستاذ المالكي بالرغم من المرونة التي تبديها الأخيرة وانفتاحها على جميع الكتل البرلمانية واعطاءها امتيازات أكثر بكثير من استحقاقاتها الإنتخابية، فإن الأنظمة العربية ولا سيما السعودية والأردن والإمارات ومصر وليبيا قامت بتحريك مخابراتها ودعم المسلحين السنة لتقويض التجربة الديمقراطية وابعاد الإسلاميين عن دفة الحكم على أقل التقادير.

فعمدوا ومن خلال أدواتهم العراقيين إلى الإنقضاض على صلاحيات رئيس الوزراء الدستورية وبالتحديد الأستاذ نوري المالكي لأنه محسوب على الحركات الإسلامية فتقاسموا صلاحياته بتأسيس المجلس السياسي للأمن الوطني ( رؤساء الكتل السياسية) والمجلس التنفيذي (مجلس الرئاسة مع رئيس الوزراء، ثلاثة زائد واحد)، ولم يكتفوا بذلك فأخذت جبهة التوافق السنية المطالبة بالمشاركة في اتخاذ القرار السياسي والأمني مناصفة مع الشيعة وهم يشكلون 15% من نفوس العراق على أبعد التقادير؟! والحال أن رئاسة الوزراء في زمان أياد علاوي كانت تمارس دورها الدستوري من دون مزاحمة من أي كيان سياسي، وهم يمارسون صلاحياتهم الدستورية في مجلس الرئاسة والنواب من دون أن يتقاسمها معهم أي شخص، وهذا على خلاف جميع الأنظمة الديمقراطية في العالم حيث أنها تعتمد على حكم الأكثرية أي أن المناصب السيادية تكون من نصيب الأكثرية وللأقليات مقاعد برلمانية وحكومية حسب تمثيلها في مجلس النواب ونسبتها من السكان كما هو حاصل في أفغانستان ذي الأكثرية السنية، والأكثرية في النظام الديمقراطي تتشكل بـ 50% زائدا واحد، ولكن هذه المعادلة تنقلب رأسا على عقب عندما تصل النوبة إلى الشيعة في العراق ولا تتشفع لهم أغلبيتهم السكانية الساحقة حتى لو بلغت 70% من نسبة السكان.

وفي هذا الإطار قامت الأنظمة العربية الطائفية بحياكة المؤامرات تلو المؤامرات لتقويض التجربة الديمقراطية أو لسحب البساط من تحت أقدام الإسلاميين الشيعة الذين فازوا في الانتخابات، ودعموا بذلك المليشيات الإرهابية للإيغال في جرائمهم بتفجير المفخخات في التجمعات السكانية لأتباع أهل البيت في كافة محافظات العراق، وتحريك أذنابهم من جبهة التوافق والأوباش الإمعات المحسوبين على الطائفة الشيعية لعرقلة حركة حكومة الوحدة الوطنية والإنجازات الأمنية التي حققتها، وآخر الزوبعات التي أخذوا يطبلون لها قضية المراسل الشيعي منتظر الزيدي الذي أعد لضرب سيدهم بوش بالأحذية ليضربوا عدة عصافير بحجر واحد، وهكذا فإن المخابرات المصرية وعن طريق فضائية البغدادية قد لعبت مكر عمر بن العاص في التحكيم في واقعة صفين في حين أن غباء أبي موسى الأشعري قد أحيل للتيار الصدري ومنتظر الزيدي ظنا منهم أنهم بعملهم هذا قد يخلعون خاتم الخلافة من يد الشيعة وإلباسه بيد السنة في العراق بواسطة ضرب بوش بيد شيعية تحت ضيافة رئيس وزراء شيعي وخروج مظاهرات في مدينة الصدر الشيعية مؤيدة للزيدي وشاجبة المحتل الأمريكي وحارقة علم وصور الرئيس الأمريكي.

إن هذه السيناريوهات هي تعريض للعراق الديمقراطي وهي عدة رسائل استخدمتها المخابرات المصرية نيابة عن الأنظمة الديكتاتورية العربية موجهة للرئيس الأمريكي أن الولاء السني لأمريكا أعظم من الولاء الشيعي، وأنه يبقى مصونا تحت ظلال النظام السني الديكتاتوري خلافا للفوضى التي يسببها النظام الشيعي الديمقراطي، ربما يستخدمون أساليب من قبيل مقارعة المحتل والتعبير عن رفض العراقيين الوطنيين الأشراف للجرائم التي اقترفها بوش بحق الشعب العراقي لخداع المضللين من عامة الناس وكذلك لخداع الشعوب العربية، علما أن العراقيين قد تنفسوا الصعداء بعد سقوط الصنم الذي ذاقهم الويلات أضعافا مضاعفة مما لاقوه على يد المحتل، علاوة على حصولهم الحرية في جميع المجالات والتي كانوا قد حرموا منها طيلة تحكم الأنظمة الديكتاتورية على مقاليد الحكم على مدى قرون سحيقة من الزمن.

وإن على أمة الأعراب السلام إذا كان شرفها مرهونا بمومسة من قبيل صابرين الجنابي ومجدها وكرامتها قائمة على تصرف منافق ومعتوه كمنتظر الزيدي الذي وقف على المكيدة التي نصبها له الطائفيون العرب وعظ أصابع الندم بعد اقترافه العمل القبيح باعترافه هو في رسالة العفو والصفح التي بعثها لرئيس الوزراء المالكي ولكن لات حين مندم، ولا خير في أمة تبني شرفها على الأوهام والانتصارات الخاوية بعيدة عن الواقع وبعيدة عن الشرف والفروسية والمواقف المشرفة، وهي تكابر وتمضي على نهجها المعوج في تضليل الشعوب بمواقفها المعادية للأمريكان في الإعلام والشعارات وانغماسها من شعر رأسها حتى أخمص أقدامها بالعمالة للأمريكان.

ومن المفارقات المضحكة المبكية أن الدول الديكتاتورية العربية المتحكمة بالحديد والنار بمصير شعوبها، وتحصي من خلال مخابراتها حتى الطير في الهواء وتحافظ على مصالح أمريكا وامتيازاتها ومعسكراتها في بلدانهم منذ عشرات السنين وتحتلب من ضرع الدول الصديقة عندهم والمحتلة في العراق، في مثل هكذا أجواء نجد أن النفاق العربي يتبلور بوقوف أعضاء البرلمان الأردني إحتراما لفعلة منتظر برميه أحذيته صوب بوش وكذلك تصفيق مجلس الشعب المصري لمدة خمس دقائق متتالية لتمجيد العمل البطولي الزيدي الذي استعاد الكرامة العربية ضد الطغيان الأمريكي في العراق!!

وقديما قالوا إن كان بيتك من زجاج فلا ترمي الآخرين بالحجارة، فالدول العربية الديكتاتورية حتى النخاع والتي لا يتنحى الرئيس الضرورة فيها حتى يشيب الغراب لا يروق لها أن ترى نظاما عربيا قائما على أساس صناديق الإقتراع الحر، فإن نوازع الديكتاتورية والعلمانية والطائفية تثار في نفوسهم وهذه الضغوط الثلاثة يستخدمونها ضد أي نظام يحاول أن يطبق التجربة الديمقراطية، فإنهم يحاولون أن يرجعونها ديكتاتورية فإن لم يستطيعوا فالديمقراطية العلمانية وإن لم يقدروا فديمقراطية الطائفية السنية.

والسياسة هذه يمكن مشاهدتها بوضوح أثناء تعامل الأعراب مع التجارب الديمقراطية الثلاث: الأفغانية بدعم كرزاي العلماني لتحجب الأحزاب الإسلامية، والفلسطينية بدعم محمود عباس ضد حماس، والعراقية بدعم الإرهاب لتحقيق الديكتاتورية أولا فإن لم تستطع فالديمقراطية العلمانية ثانيا وإن لم تستطع فديمقراطية الطائفة السنية وذلك أضعف الإيمان، وإن كان إطلاق الديمقراطية على العلمانية والأقلية مصادرة لمعطياتها إذ أنها تخضع لحكم الأكثرية مما هو مفروز في صناديق الإقتراع، ولكن الأعراب يطرقون كل شيء حتى يصلوا إلى مآربهم ويحافظوا على كراسي حكمهم، لا يأبهون من شيء حتى لو كان مخالفا للمألوف أو معارضا لما هو مرسوم أو قائما على أشلاء الأبرياء ودماء الشهداء، لا يهمهم كل ذلك بقدر ما يهمهم انتهاج طريق بن العاص للوصول إلى مبتغاهم وقد يصلون إلى ما يصبون إليه مادام في الساحة من يحمل غباء أبو موسى الأشعري، وكفانا من التجارب والتاريخ عبرا لكي لا نلدغ مرات ومرات إن كنا مؤمنين تماشيا لما جاء في الأثر: المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك