المقالات

ثقافة الحذاء القومي

944 16:08:00 2008-12-15

( بقلم : فارس حامد عبد الكريم ـ نائب رئيس هيئة النزاهة)

( تنبيه عن مؤامرة كبيرة تهدف اعادتنا للوراء نفذت بيد مواطن نعتقد انه لم يدرك عواقبها على شعبه ، من دون مدح او سب بحق احد سواء بحق الفاعل او غيره، وبعدها لكل حر رأيه)

أهل العراق عامة هم أهل الكرم والضيافة ، ولا مثيل لهم في هذا الصدد ، والسائد في ثقافة وادي الرافدين الأصيلة ان تكرم الضيف ولو كان قاتل أبيك وجاء بطلب الفصل العشائري فتنصب الموائد ويكرم هو وكل من جاء معه.ولا مثيل لهذا الطيب والكرم في أركان الدنيا قاطبة. ولكن كيف صنعت ثقافة الدكتاتورية ، ثقافة المقابر الجماعية ، مواطناً يمكن ان يقذف بحذاء ضيف بلاده وضيف رئيس وزراءه المنتخب ؟ في سلوك لا يليق ان يلصقه التاريخ بشعب المدنيات الكبرى في التاريخ ، ذلك الشعب الذي وضع اول القوانين من قبل اول الحكومات في التاريخ.قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد ان نشير الى موضوع ذي صلة ، فقد أوقفت قناة الحياة الفضائية المصرية برامجها فوراً ، مذكرة إيانا بأيام خطب الزعيم المصري الراحل التي قادت العرب للهزيمة في النهاية ، لتعيد لقطات قذف الحذاء لاكثر من ثلاث ساعات ، مع التصوير البطيء وفتح الهاتف المباشر مع جميع انحاء العالم بداعي الاستماع الى ردود فعل الشارع العربي . كما استضافت خبراء في مختلف الاختصاصات ، وكانت ردود فعل هذا الشارع تتطور تدريجياً الى ان وصل وصف مرتكب الفعل بالبطل القومي ، وكيف انه بفعله هذا قد ثأر لضحايا العراق ثم ضحايا فلسطين وغزة واخيراً لكل ضحايا الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء .وان الفعل كان كرد اعتبار عن نكسة حزيران وجميع هزائم العرب القومية ، بينما طالب آخرون بعمل متحف ليكون الحذاء فيه مزاراً !!!وكان من بين المتصلين كبار السياسيين والفنانين ونقباء الجمعيات والمحامين وأعضاء مجلس الشعب. ومن اغرب الاتصالات ما اعتبر فيه شخصية مصرية كبيرة ان الحادث ما هو الا انتقام لبطل التحرير القومي ، والمقصود طبعاً ذلك (البطل) الذي أُخرج من حفرته مذعوراً كالجرذ. ذلك المجرم الذي اعدم بجرة قلم في يوم واحد وبعد زيارته لسجن ابو غريب الآلاف من الشباب العراقيين بسبب ( هروبهم من ساحات القتال ) أي لرفضهم المشاركة في مغامراته العدوانية.

ومن جانب اخر كانت الفضائيات المتاجرة بسلعة القومية العربية والفضائيات الصدامية في حالة عرس وابتهاج وطلبت من خلال اتصالات مرتبة مسبقاً مع ذات الأصوات الكريهة التي نسمعها كل مرة ، بجعل يوم الحادث يوم عيد وطني وقومي. ان خط الثقافة بين تلك الفضائية المصرية والفضائيات الصدامية ، يقوم على ذات النسق ، انها ذات الثقافة البدوية التي تمجد العدوان والسطو والسرقة وتتغنى بها كمفخرة قبلية وصفة من صفات الرجولة . وهي امتداد لثقافة المقابر الجماعية وثقافة سحق الرؤوس بالاحذية وثقافة التعذيب والقتل في احواض التيزاب وثقافة الاغتيال والغدر ، هي ذاتها ثقافة قتل الأطفال في يوم عيد. أنها ثقافة هز الشوارب.

ولا ينكر احد هول الجرائم التي ارتكبت في ظل النظام البائد، والفاعل ابن مدينة الصدر ويعرف جيداً كم عانت مدينته عهد الطاغية المقبور وكم قدمت من كواكب الشهداء ، وكم اعتدي في ظل ذلك النظام على أعراض الناس ، وكيف سيقت الآلاف من العراقيات الى سراديب الامن العامة بناءاً على اخبارات مفتعلة ، ليكن بيد وحوش وذئاب جائعة ، ليعذبن حتى تتعرى ملابسهن وسط جلسات السكر والعربدة ، والكل يعرف كم فتاة اختطفت على يد ابن المقبور وزبانيته ، وكم اعدم من خيرة شباب العراق حتى أصبح لبعض العوائل أكثر من خمس شهداء معدومين .فضلاً عن الحروب العدوانية المدمرة التي ذهب ضحيتها الملايين وكذلك ضرب المدن العراقية بالأسلحة الكيميائية..... كل هذا ولم يقم الفاعل او من على شاكلته بضرب المقبور نفسه بحذاء او احد أعوانه او حتى خدمه. من كان الذي يستحق القذف بالأحذية ايها الإعلامي ؟ وهل مهمة الصحفي هي توجيه الأسئلة ام توجيه الأحذية ؟لقد اخطأت خطأً فادحاً بحق شعبك وبحق تاريخه الإنساني المجيد ، وبحق ثقافة مضائفه العامرة بالجود والكرم .كل ما فعلته ايها الإعلامي المغرر به ، انك أثلجت قلوب أعداء وطنك وأعطيتهم فرصة للاحتفال في يوم اعتبروه عيداً قومياً ، بينما نسيت الآلاف من الضحايا من أبناء شعبك وكان الأحرى بك ان تلقي حذائك في وجوه جلاديهم.نعم أيها العراقيون ... يفاخر أعدائكم بتصرف لا يعبر في اية صورة من الصور عن أخلاق أبناء بلاد الرافدين .بينما تفاخرون انتم بثقافة أكرام الضيف اكراما بالغاً، تلك الثقافة التي تدخر لضيوفها أفضل ما عندها وأجوده ، نعم وانتم تعلمون ان الكثير من العوائل العراقية لا يأكل أبنائها الفواكه والحلويات إلا في يوم أن يزورهم ضيوف ، ولا حاجة ان أذكركم بالمضيف العراقي وجلساته العامرة بالود والكرم وحسن الضيافة ، حتى أضحت مضائفكم عبر التاريخ مدرسة للفروسية والكرم للأجيال المتعاقبة .أما ثقافة أعدائكم ، تباً لهم ، فهي ثقافة اللا مضيف ، ثقافة تمجيد الأحذية وجعلها مزاراً . *******************

بغداد في 14/12/2008

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك