( بقلم : ناقد البغدادي )
التراث الشعبي هو الذاكرة التاريخية الشعبية للبلد. هناك(21 (تعريفاً للتراث الشعبي بشكل عام، تضمنه معجم الفولكلور الانكليزي، بطبعته لعام 1949 ، ومن هذه التعريفات لمصطلح الفولكلور أو التراث الشعبي: هو الذي يحدد فنون القول والسلوك والمعتقدات والصناعات المادية وهناك تعريفات أخرى منها من يقول، أنها مخلفات الماضي الذي لم يدون وهذا تعريف توم جونز عام 1893.
وتراثنا غني جدا وقد دخلت عدة وسائل لتوثيق الفلكلور العراقي ومنها التدوين التاريخي والصور الفوتوغرافية والأفلام وحفظ نماذج من المواد التراثية الموروثة، لغرض المحافظة عليها والتعريف بها في داخل العراق وخارجه، ولأن هذه التراثيات هي جزء من تاريخ أي بلد فلابد من الأمانة الموضوعية التي تحفظ الحقيقة.معروف عن البيت البغدادي الشعبي أنه من البيوتات المحافظة التي تدقق في تفاصيل الأدبيات العامة، خصوصا في سلوك البنت وطريقة كلامها ونوع ملابسها وطريقة مشيتها الأمر الذي وصل حد التزمت حتى في طريقة الزواج، فكثير جدا من البنات البغداديات لم يرين أزواجهن، ويأخذهن الحياء بمجرد ذكر أسم العريس الموعود.... ولست هنا في طور الدفاع عن هذه السلوكيات أو مهاجمتها ... كنا نشاهد هذا في واقع حياتنا البغدادية البسيطة وكذلك في التمثيليات العراقية التي يعرضها التلفزيون.
فما الذي حدث لتتغير هذه البنت التي يزيدها حياءها جمالا ليظهرها لنا التلفزيون بشكل أخر يذكرنا بصورة (العلمة) في المسلسلات المصرية ؟ نعم أننا نشاهد اليوم (أشكال وألوان) من النماذج البنّاتية في التلفزيونات العربية وحتى في الشوارع البغدادية، لكننا نتحدث عن التراث الشعبي والموروث الحضاري والتاريخ الذي لا يجب تحريفه.
الاهتمام المفاجئ من تلفزيون العراقية بالفلكلور البغدادي لم يمر على أعين المختصين.. فأغنية العيد الكارتونية مبادرة جيدة لمن صنعها، وملفتة للنظر، واللافت فيها أكثر هي البنت البغدادية (العلمة) التي لا وجود لها في الفلكلور البغدادي. الجو العام للصورة سرقته كتلة اللون الأحمر المثير بتفاصيله وحركاته. فلم نعرف في تراثنا الشعبي هذا النوع من الغنج أو هذا النوع من الملابس، لكنها مشهورة جدا في مصر ويعرفونها بالترتر.الاهتمام مطلوب بل يجب أن نحث عليه، لكن من غير تسويف، ولا نريد أن يستخدم لإيصال رسائل مشوهة بقصد أو بدون قصد... فـ (مو كلمن صخّم وجهه كال آني حداد).
https://telegram.me/buratha