المقالات

هل وضوح المجلس وصراحته خطاً في الاداء السياسي

981 10:58:00 2008-10-05

( بقلم : ميثم النوري )

قد يعاب على المجلس الاعلى الاسلامي العراقي كثيراً انه صريح اكثر من اللازم وواضح اكثر مما ينبغي ويبتعد عادة عن المناورة والخداع والمكر وهو ما يتنافى مع المفهوم السياسي السائد الحافل بكل الالاعيب والمخادعة والكذب والغموض. ربما يكون هذا العيب وجيهاً وقد يعرض المجلس الاعلى كثيراً الى الاحراجات الكثيرة ويجعله هدفاً جاهزاً لكل سهام الاتهامات والافتراءات.وربما تكون هذه الملاحظة التي يثيرها الكثير من المراقبين هو نقطة قوة للمجلس الاعلى اذا لم ندركها حالياً سنجني ثمراتها لاحقاً عندما ينتبه الشعب ويفيق من صدماته ويعي جيداً مواقف القوى السياسية التي صدقت معه ولن تخذله.

ولكن قبل كل شىء هل المعيار الحقيقي للاداء السياسي الصحيح هو الواقع السياسي السائد وما نراه من ممارسات سياسية ومناورات والاعيب هي الاساس في التعامل السياسي ام هي ظواهر خاطئة تسيىء بتطبيقاتها الى المفاهيم الاصيلة والقيم النبيلة. هل الكذب والزيف والخداع السائد هو النموذج الذي ينبغي الاقتداء به ام هي هذه حالات خاطئة علينا تهذيب اداءاتنا السياسية منها وابراز النموذج الاخلاقي والمثالي في التعامل السياسي.متى اصبح الوضوح والصدق والصراحة في الاداء السياسي عيباً ومثلبة بينما الغموض والثعلبية والخديعة هي الاساس في التعامل السياسي؟

ان اعتقادنا الراسخ بان السياسية ومتطلباتها هي وسيلة وليست غاية بذاتها ولن تكون الوسيلة الا من صلب الغايات وسنخها فان الغاية لن تبرر الوسيلة في مبادئنا ولسنا ميكافيليين او او تجار مراهنين نعتاش على الربح والخسارة في الاداء السياسي. منهج المجلس الاعلى في الوضوح والصراحة والصدق لا يعني إفراطاً في السذاجة او تبسيطاً في الوعي ولن يعني تراجعاً عن الاداءات السياسية الفاعلة بل هو جزء من مصداقيته وواقعيته وهو وان دفع ثمن هذه المواقف الصريحة والواضحة وتعرض الى انتقادات واتهامات غير مبررة لكنه في نهاية المطاف سيجني ثمرة صدقه وصراحته مع شعبه ونفسه.

لا نقصد بالصراحة والوضوح المفرطين كشف كل الاوراق والتصورات المستقبلية والقراءات للاحداث والمواقف المصيرية فان المجلس لم يكن بهذا القدر من البساطة والسذاجة حتى يكون بالمستوى السهل الذي يستساغ فهمه بسهولة في مواضع لابد ان يكون فيها عصياً على الافهام. لدينا نموذج تأريخي يمثل لنا منتهى الاقتداء والامتثال وهو موقف الامام الحسين في ليلة عاشوراء في واقعة الطف عندما جمع اصحابة واهل بيته وخاطبهم بمنتهى الوضوح والصراحة بقوله: "ان الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً" كان معهم صريحاً لكنه لم يرد لهم الصراحة بالانسحاب من ارض المعركة حفاظاً على حياءهم وكرامتهم ولذا قال اتخذوا الليل جملاً لكي لا يخدش حياءهم وكبرياءهم.

ومن هنا فقد يظن بعض المتابعين بان ذاك القائد العربي الذي أحرق السفن في الضفة الاخرى المتآخمة للعدو قد اصاب عندما خاطب اعداءه بقوله :" ان البحر من وراءكم والعدو امامكم" لكنه اراد فرض الامر الواقع على جنده وسلب ارادة الاختيار او اجبارهم على المواجهة بكل الاحتمالات وهذا يعني انه لو توفرت فرصة لجنده بالهروب او الخلاص لانهزموا وهو ما لا تلجأ اليه الانظمة القاهرة والمستبدة.

وضمن هذا السياق سأشير الى الى مفارقة جديرة بالتأمل والوقفة وتكشف عن نموذجين متضادين ومتعاكسين احدهما الاسلوب الاقناعي والحواري والاسلوب القهري والتهديدي في التوجيه والقيادة فقد كان النظام السابق ينصب سيطرات عسكرية يقودها ضباط الحرس الجمهوري خلف جبهات الحرب المفروضة على ايران لمراقبة ومتابعة الجنود الهاربين او المنسحبين من ارض المعركة لاعدامهم في محاكم ميدانية في ساحة المعركة بينما في الجهة المقابلة ينصب الايرانيون سيطرات مماثلة ولكنها لمنع الشباب دون السن القانوني التي تتيح لهم المشاركة في القتال وارجاعهم الى مناطقهم بل بعضهم حاول تزوير مواليده لكي يلتحق بالجبهات ضد نظام صدام بينما في الجانب العراقي حاول الكثيرون جرح او كسر ساقهم او يديهم لكي لا يلتحقوا بجبهات الحرب وهذا الفارق الكبير بين البعد العقائدي الذي رسخه الامام الراحل روح الله الخميني وبين الهمجية والوحشية التي ادار بها صدام جبهات الحرب ضد ايران.

ان التربية العقائدية واعتماد الوضوح والصراحة في مواقفنا مع شعبنا يخلق لنا حشوداً مؤمنة بمسارها ومبادئها ولن تخذل قادتها بينما الغموض والاكراه والخديعة فانها تحشد لنا جماعات مولعة بالنفاق والملق والوصولية.ان المسار الذي انتهجه المجلس الاعلى في مواقفه الواضحة والمعتدلة والواقعية هو الذي جعله في موقع متقدم في العملية السياسية في العراق وهو اساس المصداقية العالية مع شعبنا وقوانا السياسية التي اخذت تنظر اليه بعين الثقة والاحترام والاهتمام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك