ماذا نريد من قناة المستقلة ؟

( بقلم : الشيخ محمد علي المياحي )

كنا نتمنى أن تكون قناة المستقلة مستقلة فعلاً، وتسمح للعقل والبحث العلمي بالتحرك، لكن مجريات برامجها أظهرت خلاف ذلك، فهي تتبنى منهجاً سلفياً معروفاً يحظر على المسلمين النظر بجدية في تراثهم، وتنطلق من مسلمات لا تريد النقاش فيها، شأنها في ذلك شأن متطرفي الحنابلة ونهجهم في الإيمان بالشيء ونقيضه.

وكمثال على ذلك اتصل أحد الجزائريين (ويدعى سلطان) بقناة المستقلة وعرض مجموعة من الروايات ادعى أنها للنبي وأئمة أهل البيت وردت في كتب الشيعة، وأنها تمدح أبا بكر وعمر. قال بالحرف الواحد : (أقوال للنبي صلى الله عليه وسلم وردت في كتب الشيعة، وأقوال لأئمة أهل البيت أيضاً وردت في كتب الشيعة) بمعنى أن كتب الشيعة روتها عن النبي والأئمة، وهي بذلك حجة عليهم. ولسنا في معرض إثبات أو نفي كون أئمة أهل البيت (ع) كانوا يمدحونهما ويثنون عليهما، إنما في الأمانة العلمية في النقل سواء للخصم أم عليه. وسواء كان الروايات في مدح عمر أو علي أو كانت في الوضوء أو الغسل، أو كانت في تأييد الشيعة أو معارضتهم. المهم هو هل أن هذه الروايات التي نسبت للنبي وأهل البيت ع هي من مروياتهم أم لا؟ وقد تفضل علينا الدكتور الهاشمي بفرصة للاتصال بالقناة، وكان الهدف من الاتصال هو: بيان أن كل ما قاله، إما أنه تدليس، أو كذب، أو تفسير خاطئ، لكن يبدو أن الأستاذ الهاشمي فهم ذلك خطأ منذ البداية، وتصور أنني سوف أدفع روايات شيعية في مدحهما وهي موجودة فعلاً، والحال أن النقاش في كونها موجودة كما ذكر سلطان أو لا. فراح يلقي علي محاضرة طويلة في عدم التعرض لأعراض الصحابة، وعاونه في ذلك الرفيقان عرور وجلال، وذهب جلال بعيداً حيث أجاب مسبقاً عما في قلبي بأنني سأقول: هذه محمولة على التقية، وضرب لذلك مثلاً في كتاب الشافي، ثم تبين فيما بعد أنه مخطئاً في مثله هذا. والذي دفعني لبيان ذلك عدة أمور: 1 ـ طالما هرّج عرعور وادعى أن الشيعة يكذبون، وغض الطرف عن ظاهرة الكذب والوضع في كتب الحديث، وكم ألف علماء أهل السنة في الكذابين والوضاعين. 2 ـ ظني أن الدكتور الهاشمي حساس جداً من الكذب، ولا يقبل بمروره من خلال قناته، وهذه حال جميع القنوات المحترمة. وقد أوقفوا الشيخ واثق الشمري عن مواصلة الحوار لسبب بسيط أنه ذكر معلومة هي موجودة فعلاً، لكنه نسبها إلى روح المعاني، وهي في روح البيان. فما ظنك بمن ينسب عدداً من روايات لأئمة أهل البيت (ع) وهي غير موجودة؟

ولكي نعرف الحقيقة نعود إلى المصادر التي ذكرها سلطان، ونقارن بين ما قاله وما هو موجود فعلاً، علماً أن لنا نقاشاً آخر في أسناد بعض الروايات ومدى صحتها (على فرض وجودها كما ذكر) لكننا تركنا ذلك عموماً: تفسير سقيم 1 ـ قال سلطان: (عن الصادق عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: أوصيكم بأصحاب نبيكم لا تسبوهم، وهم الذين لم يحدثوا بعده، ولم يؤووا محدثاً، فإن رسول الله ص أوصى بهم. أمالي الطوسي: 332 بحار الأنوار (كلام غير واضح) حياة القلوب ....

النص موجود فعلاً، لكنه أخطأ في نقله من المصدر والصفحة، فالتمسنا له العذر. والجواب: في البحار74: 407 عن أمالي الطوسي: وأوصيكم بأصحاب نبيكم لا تسبوهم، وهم الذين لم يحدثوا بعده حدثاً ولم يؤووا محدثاً فإن رسول الله ص أوصى بهم. (فسر سلطان النص بالعكس، فعلي بن أبي طالب خصّ أولئك الذين لم يحدثوا بعد النبي، وإلا لماذا لم يطلق الكلام فيقول: أصحاب نبيكم، فيعرف المراد وانتهى الأمر. والجميع يعلم أن ما أحدثه عثمان ومعاوية وابن العاص وطلحة والزبير خصوصاً أشهر من أن يذكر، وكان علي جبهة مستقلة في مواجهة المحدثين. ولا خلاف بيننا حول من لم يحدث بعده، إنما الخلاف في من أحدث. فقد استدل على أمر غير متنازع عليه أصلاً، لكنه أراد أن يخلط الحق بالباطل والحابل بالنابل، فيوهم المستمع أنه أتى بجديد.

كذب وتدليس2 ـ قال سلطان: (علي بن أبي طالب (رض) يقول على منبر الكوفة كما تروي كتب الشيعة: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. الاختصاص للمفيد 128 ، البحار 49 : 198 ، تلخيص الشافي2: 428 ) الجواب:1 ـ ما نقله من (البحار 49: 192 وليس 198) إنما هو محاورة طويلة جرت بين المأمون وجماعة من علماء الحديث من أهل السنة: وإليك بعض النص: ... فقال آخر من أصحاب الحديث: فإن النبي ص قال: لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر. فقال المأمون هذا مستحيل .... إلخ، قال آخر: إن علياً ع قال على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، قال المأمون: هذا مستحيل من قبل أن النبي ص لو علم أنهما أفضل لما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد ... إلخ. فالكلام المنقول إنما هو لعالم من أهل السنة، يحاجج المأمون وليس من مرويات الشيعة. 2 ـ أما ما رواه من الاختصاص128: فقد بتر النص وقطعه وتلاعب فيه، وإليك النص الأصلي: (وروي عن حكم بن جبير قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي إن الشعبي يروي عندنا بالكوفة أن علياً قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر) فهذا الكلام للشعبي، ولم تروه كتب الشيعة عن أحد من الأئمة. وأزيدك علماً أن الرواية التي عندنا عن أمير المؤمنين أنه قال: ما هذا الكذب الذي تقولون علي أن خير الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر؟ الصراط المستقيم للبياضي العاملي3: 150 . وهذا استنكار واضح لما يروونه).

(وتمام الرواية: فقال إن الرجل يفضل على نفسه من ليس هو مثله حباً وتكرماً، ثم أتيت علي بن الحسين فأخبرته ذلك فضرب على فخذي وقال: هو أفضل منها كما بين السماء والأرض) (وأصل الحديث من أهل السنة، رواه العقيلي في الضعفاء 3: 181 وهو مروي عن أبي هريرة، وطريقه إلى أبي هريرة مجموعة من الضعفاء عند أهل السنة). كذب وتدليس3 ـ قال سلطان: (عن علي رض قال: لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري. البحار10: 417 ، الاختصاص 128، معجم رجال الحديث للخوئي2: 153)الصحيح في البحار 10: 377 (سئل الفضل بن شاذان رحمه الله عما روته الناصبة عن أمير المؤمنين ع أنه قال: لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري ... إلخ). فالكلام ترويه الناصبة (يعني أعداء أهل البيت)، ولم تروه مصادر الشيعة عن علي. (وتمام الرواية: فقال: إنما روى هذا الحديث سويد بن غفلة وقد أجمع أهل الآثار على أنه كان كثير الغلط، وبعد فإن نفس الحديث متناقض، لأن الأمة مجمعة على أن علياً كان عدلاً في قضيته، وليس من العدل أن يجلد حد المفتري من لم يفتر، لأن هذا جور على لسان الأمة كلها، وعلي بن أبي طالب ع عندنا بريء من ذلك)أما في الاختصاص: فلم أجد الحديث لا في هذه الصفحة ولا في غيرها ومن وجده فليرسله إلي خدمة للعلم والحقيقة. أما الإمام الخوئي رحمه الله في معجم رجال الحديث 9: 159 فقد ذكر ما ملخصه:أن رجلاً دخل على الإمام الصادق يطلب منه الحديث، فسأله الصادق إن كان يحفظ شيئاً من الحديث، فبدأ الرجل يذكر الأحاديث التي يحفظها والإمام الصادق يقول له: زدنا، فكان مما قال: حدثني سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر أنه رأى علياً ع على منبر الكوفة وهو يقول: لئن أتيت برجل يفضلني على أبي بكر وعمر لأجلدنه حد المفتري. فهذا السند سني وليس شيعياً، فسفيان الثوري وابن المنكدر ليسا من رواة الشيعة أولاً. وثانياً: هذا الراوي كان ينقل للإمام الصادق ما سمعه من أهل السنة. فالكلام إذن ليس للصادق، إنما هو منقول للإمام. فأين المدعى وأين الدليل؟ كذب وتدليس 4 ـ قال سلطان: (يروي السيد المرتضى علم الهدى في كتابه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلاً من قريش جاء إلى أمير المؤمنين ع فقال: سمعتك تقول في الخطبة آنفاً: اللهم أصلح سبيل الخلفاء الراشدين، فمن هما (كذا) قال علي رض: حبيباي وعماك (هكذا قال سلطان الجزائري) أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش والمقتدى بهما بعد رسول الله ومن اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم). تلخيص الشافي 2: 428 . الجواب: 1 ـ ليس في تلخيص الشافي، إنما هو في الشافي3: 94 وهو ليس كتاباً روائياً. 2ـ ذكره السيد المرتضى ناقلاً له عن المعتزلة ليجيب عنه، وبالتحديد عن القاضي عبد الجبار الهمداني البصري المعتزلي، الذي ألف كتاباً من عشرين مجلداً في التوحيد والعدل، وخصص منه الجزء العشرين للإمامة أسماه المغني لينقض فيه أدلة الشيعة، فكتب السيد المرتضى كتاب الشافي في الإمامة رداً عليه، فكان يذكر أدلته ثم يجيب عليها. قال رحمه الله: وأحد ما يعارضون به ما روي عنه في استخلاف أبي بكر (ثم ذكر الأحاديث إلى أن قال حاكياً ما أورده صاحب الكتاب: وروى جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلاً من قريش... إلخ. فالكلام لا يرويه المرتضى عن جعفر كما زعم، إنما يذكر رواية للخصوم يريد ردها ومناقشتها. وهذا ما اعترف به الدكتور جلال أخيراً بعد أن ادعى أولاً أن الشيعة فسروا ما ورد في الشافي بالتقية. لكنني عندما طلبت منه أن يأتي بالدليل عجز، ثم ذكرت له أن هذه الروايات نقلت عن القاضي عبد الجبار أقر بذلك. ومن ثم علقت على ذلك وشكرته على رجوعه للحقيقة فسكت. (وهذا الكلام في الحلقة الثامنة عشرة من الحوار الصريح ليلة الثامن عشر من رمضان 1429)

والطريف أن اسم الكتاب هو الشافي في الإمامة وقد ألف ليثبت إمامة علي عند الشيعة، وقد ناقش فيه أدلة القائلين بالخلافة، فكان يورد الدليل ويناقشه. فإيراده الدليل لا يعني أنه يؤيده. وإلا فإن القرآن نقل الكثير من الأقوال: (وقالت اليهود عزيرٌ ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله)2 ـ أراد القوم من علي في الشورى أن يبايع على سنة الله ورسوله وسيرة الشيخين فرفض، فكيف يقول فيما بعد: إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش والمقتدى بهما بعد رسول الله ومن اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم؟ هل من عقول نيرة وأفهام مضيئة. )

كذب وتدليس5 ـ قال سلطان: (وثبت في كتب الشيعة أيضاً أن علي بن أبي طالب رض دخل على الفاروق رض بعد طعنه (يعني متوفى) وهو مسجى فقال: لوددت أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى (وفي رواية) إني لأرجو أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى. (ثم علق سلطان قائلاً: تأمل كيف أن علياً يتمنى أن يلقى الله على عمل الفاروق) ثم قال: هذا في الفصول المختارة ص850، إرشاد القلوب للديلمي 836 ..إلخ. وليته ذكر الحديث بكامله فأراحنا، لكنه لا يستطيع ذكره بالكامل لسبب سوف تعرفونه. ملخص الحديث: 1 ـ في إرشاد القلوب: 336 أن أسماء بنت عميس نقلت أن جماعة من أصحاب النبي ص اجتمعوا في بيت زوجها أبي بكر واتفقوا بينهم على مؤامرة ضد علي، وأمروا سعيد بن العاص ليكتب بذلك الاتفاق صحيفة، فكتبوها، ودفعوها إلى أبي عبيدة، فأخذها ودفنها في الكعبة، إلى أن ولي عمر فاستخرجها، وهي الصحيفة التي تمنى أمير المؤمنين لما توفي عمر...إلخ. هذا ما رواه الديلمي وقد اقتطع منه سلطان ما يريد.

2 ـ أما في الفصول المختارة للمرتضى: 90 فقد قال: سئل هشام بن الحكم رحمه الله عما ترويه العامة من قول أمير المؤمنين لما قبض عمر وقد دخل عليه وهو مسجى: لوددت أن ألقى الله ... فقال هشام: هذا حديث غير ثابت ولا معروف الإسناد وإنما حصل من جهة القصاص وأصحاب الطرقات، ولو ثبت لكان المعنى فيه معروفاً وذلك أن عمر واطأ أبا بكر والمغيرة وسالماً مولى أبي حذيفة .... فلم يروياه (يعني الديلمي والمرتضى) إذن قبولاً به كما هو واضح، إنما هو نقل كلام الخصم للرد عليه وهو كقوله تعالى (وقالت اليهود عزير ابن الله)، ونقل القول ليس اعترافاً بالقول. فالحديث إذن من مرويات أهل السنة وليس من مرويات الشيعة، ولا من كلام الأئمة.

بلا عنوان احتراماً للهاشمي6 ـ قال: تم في حلقات نقل كلام علي بن أبي طالب رض في نهج البلاغة: لله بلاء فلان ... قوله في عمر. آسف كثيراً أن أقول: إن الأخ الدكتور الهاشمي في حلقة سابقة قرأ نصاً من نهج البلاغة ادعى فيه أنه قول علي في عمر، فلما رجعت للنص وجدت علياً ولم أجد عمر، فالموجود في نهج البلاغة: ومن كلام له عليه السلام يريد به بعض أصحابه. ولا أريد أن أعلق احتراماً للهاشمي.

اقرأ واضحك 7 ـ روى سلطان عن علي بن الحسين أنه جاءه نفر من العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رض (يعني تكلموا فيهم بسوء) فلما فرغوا من كلامهم قال لهم: ألا تخبروني أنتم من المهاجرين الذين قال الله فيهم (الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً ..) قالوا لا: قال: فأنتم من المهاجرين الذين قال الله فيهم (الذين تبوؤوا الدار والإيمان يحبون من خصاصة ) قالوا: لا قال: أما أنتم فقد تبرأتم أن تكونوا من أحد من هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم (يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا غلاً للذين آمنوا ) اخرجوا عني فعل الله بكم. كشف الغمة للإربلي 2: 78 الجواب: 1 ـ صاحب كشف الغمة يحتج في كتابه لإمامة الأئمة الاثني عشر، واستدل بأدلة كثيرة عقلية ونقلية على عدم صحة خلافة أبي بكر وعمر، فكيف نتصور منه أنه يروي مثل هذه الرواية مؤيداً لها.2 ـ ثم إنه كان ينقل الكثير من رواياته عن أهل السنة، وهذا واضح من خلال مراجعة الكتاب، فهو ينقل الرواية بالنص عن عمر مثلاً مع قولهم فيه رضي الله عنه، وهذا غير معروف إطلاقاً عند الشيعة.

تدليس وتزوير وكذب 8 ـ قال سلطان: (روى الإربلي عن أبي عبد الله الجعفي عن عروة بن عبد الله قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن حلية السيف فقال: لا بأس به قد حلى أبو بكر الصديق سيفه. قلت: وتقول الصديق؟ فوثب وثبة واستقبل القبلة فقال: نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق، فلا صدق الله له قولاً في الدنيا والآخرة). الجواب: 1 ـ عبد الله الجعفي لم يرو في كتبنا عن عروة أبداً، والإربلي لم يرو عن عبد الله الجعفي. 2 ـ قال صاحب كشف الغمة في نهاية الباب: آخر كلام ابن الجوزي في هذا الباب. فهو يصرح أنه نقل ذلك عن ابن الجوزي. فهي من روايات أهل السنة أيضاً نقلها العلامة الإربلي، وهذا هو ديدنه في كشف الغمة.

استدلال سقيم9 ـ قال سلطان الجزائري: (روى عن الصادق: كان أصحاب رسول الله ص اثني عشر ألفاً 8 آلاف في المدينة وألفان من أهل مكة وألفان من الطلقاء، لم يُر فيهم قدري ولا مرجئ ولا حروري ولا معتزلي ولا صاحب رأي كانوا يبكون الليل والنهار، ويقولون اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير . خصال ابن بابويه القمي ...) الجواب: الرواية موجودة، ولو سلمنا بصحتها نقول: 1 ـ لا دليل فيها على موقفه من أبي الصحابة أبداً، فلم يقل إنهم لم يرتدوا أو لم يظلموا أو غير ذلك، إنما أراد الاحتجاج على الفرق المختلفة التي تدعي الانتماء إلى الصحابة: يقول من أين جئتم بهذه المذاهب والتيارات وهي لم تكن في عهد الصحابة؟ وإلا فما المناسبة بين ذكر عددهم وذكر أسماء الفرق التي جاءت بعد عصر النبي والصحابة؟ 2 ـ لو سلمنا أنها كانت مدحاً فإنما هي لمن ثبت على الحق منهم، وكلامنا في من أحدث بعد ذلك في العصور التالية.

تدليس وكذب وكارثة على سلطان 10 ـ قال سلطان: (جعفر بن محمد أيضاً: لم يكن يتولى أبا بكر وعمر فحسب، بل كان يأمر أتباعه بولايتهما أيضاً فيقول أبو بصير: كنت جالساً عند أبي عبد الله ع إذ دخلت علينا أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر فقال أبو عبد الله ع أيسرك أن تسمع كلامها قال فقلت نعم قال: فإذن لها قال فأجلسني على الطنفسة قال فدخلت فتكلمت فإذا امرأة بليغة فسألته عنهما (أبي بكر وعمر) فقال لها: توليهما قالت سأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما قال نعم) روضة الكافي 8 : 101 تحت عنوان حديث أبي بصير الجواب: إليك الرواية أولاً كما هي، وهي في الكافي 8: 101أَبَانٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِذْ دَخَلَتْ عَلَيْنَا أُمُّ خَالِدٍ الَّتِي كَانَ قَطَعَهَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَسُرُّكَ أَنْ تَسْمَعَ كَلَامَهَا قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَأَذِنَ لَهَا قَالَ وَأَجْلَسَنِي مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ قَالَ ثُمَّ دَخَلَتْ فَتَكَلَّمَتْ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَلِيغَةٌ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهَا تَوَلَّيْهِمَا قَالَتْ فَأَقُولُ لِرَبِّي إِذَا لَقِيتُهُ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِوَلَايَتِهِمَا قَالَ نَعَمْ.إلى هنا انتهى ما اقتطعه سلطان من الرواية، وتمامها: قَالَتْ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي مَعَكَ عَلَى الطِّنْفِسَةِ يَأْمُرُنِي بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمَا وَكَثِيرٌ النَّوَّاءُ يَأْمُرُنِي بِوَلَايَتِهِمَا فَأَيُّهُمَا خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ هَذَا وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ وَأَصْحَابِهِ. إِنَّ هَذَا يخَاصَمَ فَيَقُولُ: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) فالإمام الصادق عليه السلام يؤيد ما يقول به أبو بصير وهو البراءة منهما، ويعلل ذلك بأن رأيه مستند للقرآن، وأن الجماعة لم يحكموا بما أنزل الله. فلاحظ كيف يقتطع النص ليستدل به على العكس.

قال الهاشمي في نهاية الحديث: والله أنت اليوم بيضت وجه ... يعني .... عرعور مقاطعاً: أهل السنة والشيعة ... الهاشمي: إخوانك المسلمين لأن كل رواياتك حلوة وإذا هذا هم الشيعة اللي تروي عنهم فأنا متشيع معهم. ثم قال الهاشمي: في الحقيقة ذكرتني بفضل أعلام أهل البيت بدورهم الريادي في توحيد القلوب. سلطان: والله يا دكتور لو سمحت لي أنا في دراستي للشيعة والتشيع وصلت إلى قناعة أن أهل السنة هم شيعة أهل البيت، لا يوجد في العالم شيعة لأهل البيت الا أهل السنة.

ماذا نريد إذن من قناة المستقلة: 1 ـ أن تتعامل مع الأشياء بميزان واحد، فلو كان الكذب خطيئة من الشيعي فهو من السني كذلك. 2 ـ التدقيق في جميع النصوص شيعية أم سنية، وسواء نقلها عرعور أو جلال أو سلطان أو سعد الرفيعي أو غير هؤلاء. 3 ـ أن تتفهم الآخر المذهبي حتى لو كان رأيه كفراً، فمن أوليات الحوار أن لا يكون مدير الحوار منحازاً إلى جهة، والملاحظ أن الدكتور الهاشمي يتكلم أكثر من الرفيقين جلال وعرعور، بل إنهما يحسان بالملل أحياناً لجلوسهما بلا عمل لأنهما اكتفيا بالدكتور المحترم يجادل عنهما. فعلى مدير الحوار أن يضبط إيقاع الحوار ويحافظ على سيره بهدوء، ويتحكم بالوقت، ويتابع الأفكار بحياد، وحتى لو أراد هو شخصياً أن يعترض فكرة ما لا بد أن يعرضها بشكل: هناك من يقول، ويترك الإجابة للضيف فإن لم يرتض الإجابة حول السؤال للضيف الآخر (الخصم).

محمد علي المياحي