المقالات

الالوسي وثقافة الاغتيال

1344 14:03:00 2008-09-15

( بقلم : علاء الموسوي )

بالامس قرأت مقالا اعجبني للكاتب خيري منصور والذي نشره في جريدة الدستور الاردنية، يتكلم فيه عن الاقصاء الفكري الذي يتوارث عن طريق اشاعة ثقافة الاغتيال الفكري والجسدي. ووجدت ما تكلم عنه الكاتب قريب جدا للواقع اليومي الذي نعيشه في العراق على كافة الصعد السياسية والامنية وحتى الاقتصادية. اذ تجد فتاوى التكفير واتهام الاخر بالعمالة والتخريب وغيرها من المعاني والالفاظ التي تبيح للاخر استهداف امة بأكملها، مستهلكة في اعلامنا اليومي واساليبنا السياسية ومعطياتنا الفكرية، التي اصبحت تراثا لا يجيز لنا مصادرته او التخلص منه يوما من الايام. الكل يعلم ان عناوين الاغتيال لاتتجاوز الاستهداف الجسدي او الفكري على اكثر الاحتمالات، ولكن ما لايعلمه الغالبية العظمى من قرائنا ومثقفينا هو الاغتيال الرمزي والمعنوي والذي يأخذ احيانا بعدا معرفيا وايديولوجيا في الوقت ذاته.

هذا الاغتيال الابيض (كما يسميه بعض) يحدث على مدار الساعة ، ولا ينجو منه أحد ، لان ثقافة الادانة والتجريم المتبادل تتحول بمرور الوقت الى مناخ فاسد مُؤكسد بكل السموم التي تنفثها كائنات ترى بأن لقمتها في فم الاخر ومهدها في قبره وسريرها في تابوته، حيث تتعدد الاغتيالات والمصير واحد، وهو اصابة أمة بالشلل الدماغي لأنها تنشغل فقط بادامة الحياة في حدودها الدنيا وفي المستوى الغريزي أو الزواحفي فقط. ويصبح الهاجس لمن يتعاطون الكلمة المنطوقة أو المكتوبة هو النجاة بجلودهم ، ما دام التأويل قد بلغ مرحلة التقويل في ثقافة الاستعداء والنميمة. ما طرحه بالامس النائب (المرفوع الحصانة) مثال الالوسي من مبررات لزيارته الى اسرائيل، عبر اتهام اعضاء مجلس النواب بالعمالة لامريكا وللمخابرات الايرانية، كما فعلها غيره من امثال العليان والمطلك والدليمي والفلوجي والدايني ... تكشف لنا حقيقة ثقافة الاغتيال المروج لها داخل الجسد السياسي في العراق الجديد، اذ اتهام احد بالعمالة للفرس والصليبيين، ذريعة كبرى لدى الاخر المتطرف في اجرامه وايغاله في فكره الارهابي والاقصائي للانسان والانسانية برمتها، فجرة قلم وزلة لسان تبيح للاخر استهداف الملايين من ابناء الشعب بحجة عمالتهم واتباعهم لمكون اخر لاتربطه ادنى صلة غير الاتهامات والتأويلات الباطلة والمزيفة. وذلك لاننا مازلنا لم نحرق المراحل سوى تلك المتعلقة بتحويل الاغتيال على اختلاف انماطه الى ثقافة سائدة في مجتمعاتنا وثقافتنا المستوردة من الطرف الاخر. بمجرد ما نسمعه من لغة الاتهام والعمالة التي تطلق حينها جزافا من افواه السياسيين، حتى نسمع بعدها بساعات انفجارات مدوية واغتيالات بالجملة هنا وهناك، وكأن صفارة الانذار تبدأ من لفظة الاتهام المحرضة للعنف والاقصاء.

 ما حصل بالامس في الجادرية من تفجيرات ارهابية وقبلها في الكرادة وبعدها باستهداف كادر الشرقية والعشرات من المواطنين الابرياء في كافة قطاعاتهم الرسمية والثقافية والاجتماعية، عبر اسلحة كاتم الصوت وغيرها من اساليب القمع والاجرام.... هي نتيجة تلك الثقافة (ثقافة الاغتيال) المروج لها في وسطنا السياسي قبل غيره من الاوساط الاخرى في العراق الجديد. الامر الذي يستلزم استحداث قوانين صارمة بحق المتقولين والمحرضين على الاقصاء والاتهام بالعمالة، لانه مجرد التفكير بتهميش الاخر وابعاده عن الجسد المنتمي اليه ،هي جريمة بحق ذاتها لايمكن السكوت عنها، اذا اردنا فعلا عراقا موحدا بقومياته ومذاهبه، ومتمسكا بثوابته وقيمه الدينية والوطنية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك