المقالات

ابعاد التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف العراقي والتحالف الكردستاني في انجاح العملية السياسية

1067 17:18:00 2008-08-12

( بقلم : احمد عبد الرحمن )

الذي يتابع مسارات وسياقات العملية السياسية في العراق منذ الاطاحة بنظام صدام في التاسع من نيسان-ابريل من عام 2003 وحتى الان، لابد ان يتوقف عند مواضع الحراك السياسي الفاعل، والعناصر والادوات التي غالبا ما تقوم بمعالجة الازمات وفك العقد وحلحلة المشاكل، وتجنب دفع الامور الى طرق موصدة وانفاق مظلمة.وهذه العناصر والادوات قد تكون شخصيات دينية او سياسية، او عشائرية او فكرية، وقد تكون احزاب وقوى سياسية فاعلة ومؤثرة، وقد تكون تحالفات بين اكثر من طرف مبنية على ثوابت ومباديء وطنية تتجاوز الى حد كبير الاطر الضيقة والخاصة والفئوية.

وبعيدا عن الشخصيات والاحزاب والقوى، وقريبا من التحالفات، يمكن القول ان التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف العراقي الموحد الذي يمثل الكتلة البرلمانية الاكبر، والتحالف الوطني الكردستاني، الذي يمثل الكتلة البرلمانية الثانية، مثل احد مرتكزات واسس العملية السياسية في العراق، واحد ابرز عوامل نجاحها واستمرارها بالرغم من التحديات والمشكلات والعقبات التي واجهتها من مصادر داخلية وخارجية طيلة الاعوام الخمسة الماضية، وعلى مختلف الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية. وفي واقع الامر ان التحالف بين الائتلاف والتحالف لم يأت من فراغ، ولم يكن وليد ظروف ما بعد الاطاحة بنظام صدام، بل ان جذوره التأريخية تعود الى مطلع ثمانينات القرن الماضي، حينما دخل النضال ضد نظام البعث الصدامي مرحلة جديدة من المواجهة.

ومع مرور الوقت كان التحالف بين الجانبين يتنامي ويترسخ ويتقوى، رغم انه كان طوال الوقت يمثل جزءا من عمل واسع ومتعدد الجوانب والابعاد للمعارضة العراقية ضد نظام صدام من اماكن وساحات وميادين مختلفة.وكان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، متمثلا بالدرجة الاساس بمؤسسه وزعيمه حتى صيف عام 2003 شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم، دورا محوريا ومهما في بناء ارضيات واسس سليمة وركائز قوية لذلك التحالف.

حيث انه الى جانب المنهج السياسي للمجلس الاعلى القائم على التعامل مع الجميع، والعمل والتحرك بأتجاه حشد كل الامكانيات والقدرات والطاقات لمواجهة نظام صدام وتخليص الشعب العراق منه، والى جانب الشخصية القيادية الفذة لشهيد المحراب ومرونته وقدرته على التعاطي مع اصعب واحلك الظروف، فأن الاضطهاد والظلم والقمع والاستبداد الذي تعرض له كل من الكيانين الشيعي والكردي بدرجة اكبر من الكيانات والمكونات الاخرى، طيلة عقود من الزمن، عمق القواسم والهموم المشتركة بينهما، ووفر الاجواء والمناخات والظروف المناسبة لصياغة رؤى ووجهات نظر ومواقف موحدة بشأن الكثير من القضايا السياسية المحورية، ولعل "التحالف" او "التوافق" بين الكيان الكردي، والكيان السياسي الشيعي عموما، والمجلس الاعلى على وجه الخصوص، مثل ابرز معالم وملامح مرحلة المعارضة العراقية، وكان نظام صدام يتوجس كثيرا من العمل المشترك بين هذين الكيانين لادراكه لحجم تأثيرهما وحضورهما وفاعليتهما ارتباطا بالقواعد الجماهيرية الواسعة لكل منهما في معظم مناطق العراق من شماله وحتى اقصى الجنوب مرورا بوسطه وغربه وشرقه.

ولاشك ان ذلك انعكس بوضوح كبير على مرحلة مابعد المعارضة، أي بعد الاطاحة بنظام صدام، فمنذ وقت مبكر كانت التوافقات السياسية المرتكزة على عمل متواصل لاكثر من عقدين من الزمن بين الكيانين محور الحراك السياسي، فتشكيل مجلس الحكم، ومن ثم الحكومة الانتقالية الاولى، والانتخابات البرلمانية الاولى، وكتابة واقرار قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، واجراء الانتخابات البرلمانية الاولى وتشكيل الحكومة الثانية، ووضع الدستور الدائم، ومن ثم تشكيل الحكومة الثالثة، ما كان لها ان تتحقق في خضم اوضاع صعبة ومعقدة وتحديات حساسة وخطيرة لولا التوافقات السياسية التي بلورت في مرحلة لاحقة تحالفا سياسيا استراتيجيا ذات اطار واسع وعريض نجح في استقطاب عناوين اخرى، ساهم في التخفيف من حدة الكثير من الاحتقانات، واستيعاب واحتواء ازمات وعقد خطيرة في بعض الاحيان رافقت العملية السياسية منذ انطلاقة مسيرتها وحتى الان، ولعل الازمة الاخيرة بشأن قانون انتخابات مجالس المحافطات وقضية كركوك تعد مثالا حيا على ذلك، اذ ان ما حال دون تفجر الاوضاع حول هذه القضية هو طبيعة التحالف الاستراتيجي بين الائتلاف والتحالف المبنى على ثوابت ومصالح وطنية عامة، لاتؤثر فيها الحسابات والمصالح الخاصة لهذا الطرف او ذاك، ولا تلغيها الاختلافات في الرؤى والمواقف ووجهات النظر حول بعض التفاصيل والجزئيات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك