سمير السعد
يعيش رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو حالة من التوتر والقلق العميق إزاء تصاعد الخطاب المقاوم، حيث تستحضر كلمات مثل “گاتلوهم ” ” گال تعالى ” من النصوص الدينية والبيانات الشعبية كابوساً يلاحقه في ظل تنامي التحديات الأمنية والسياسية داخلياً وخارجياً. تبدو هذه العبارات بالنسبة له أكثر من مجرد كلمات؛ إنها دعوة متجددة للصمود والمواجهة، ما يعكس اتساع الهوة بين مشروع الاحتلال وإرادة الشعوب الحرة.
“العبارات التي تلامس وجدان الشعوب ليست فقط كلمات بل أسلحة معنوية تهز عروش المستبدين.”
بل أيضاً من الخطاب المقاوم المتجذر في الوجدان الشعبي العربي والإسلامي. ومن بين هذه الخطابات، تبرز عبارات مثل “گاتلوهم ”، التي تحمل أبعاداً روحية ونفسية تتحدى مشروع الاحتلال بأبعاده العسكرية والاستيطانية.
في سياق الصراع مع الاحتلال، لم تعد المقاومة محصورة فقط في ساحات القتال، بل امتدت إلى ساحات الوعي والفكر وهذة كلمات تُعتبر بالنسبة للاحتلال تهديداً يتجاوز السلاح التقليدي. إنها تحمل دعوة مفتوحة للصمود والمواجهة، وتجدد الإيمان العميق لدى الشعوب بأن الاحتلال مهما بلغ من قوة، فهو زائل لا محالة.
لطالما أدرك نتنياهو وغيره من قادة الاحتلال أهمية الكلمات وتأثيرها في تشكيل الوعي الجمعي. ففي كل مرة تُردد فيها نصوص المقاومة، تتحول إلى أداة لرفع الروح المعنوية لدى الفلسطينيين وجنوب لبنان والعرب عموماً، مقابل إحباط وارتباك في صفوف الكيان الصهيوني . وهذا ما يفسر حملات التشويه والقمع التي يمارسها الاحتلال ضد كل أشكال التعبير عن هذا الوعي المقاوم.
تأتي مخاوف نتنياهو في ظل وضع داخلي متأزم، حيث يعاني من احتجاجات متصاعدة على سياساته الداخلية، بالإضافة إلى انتقادات دولية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين وجنوب لبنان . ومع تصاعد المقاومة المسلحة والشعبية، أصبحت العبارات ذات الطابع الديني والوطني تمثل رموزاً تُشعل فتيل المواجهة وتؤكد فشل الاحتلال في إسكاتها.
“گاتلوهم ” ليست مجرد كلمة، بل هي دعوة للاستمرار في الكفاح والنضال ضد الاحتلال بكل أشكاله. إنها تُعبر عن ثبات الشعوب أمام القوة الغاشمة، وتجسد فكرة أن الكلمة قد تكون أقوى من الرصاص في زعزعة أركان الاحتلال. تلك الكلمة التي يخشاها نتنياهو ليست سوى انعكاس لحقيقة أن إرادة الشعوب لا تُقهر.
تتجاوز حدود النص لتتحول إلى فعل مستمر في الوعي الجمعي للشعوب المقاومة. هي ليست فقط كلمات تُتلى، بل رؤية استراتيجية متكاملة تستنهض الهمم وتعيد تعريف معادلة الصراع مع الاحتلال.
هذا القلق الذي يعيشه نتنياهو ليس إلا انعكاساً لحالة الهشاشة التي وصل إليها مشروع الاحتلال؛ فبينما يتمسك المقاومون بثوابتهم وحقوقهم، يجد نفسه محاطاً بتحديات داخلية وخارجية تهدد استمراره السياسي، بل ووجود كيانه على المدى البعيد.
ما يخشاه نتنياهو فعلياً ليس النصوص فقط، بل ما تحمله من معانٍ تحررية تُشعل نار الأمل في قلوب الشعوب المستضعفة. ولعل الخوف الأكبر يكمن في إدراكه أن المقاومة بكل أشكالها – سواء كانت بالسلاح أو الكلمة – أصبحت عقيدة راسخة لا يمكن قمعها أو تجاوزها.
يبقى التساؤل الذي يؤرق نتنياهو وأمثاله: كيف يواجه مشروع الاحتلال نصوصاً تشعل روح المقاومة، وشعوباً تؤمن أن النصر في النهاية حتمي مهما طال الطريق؟
نتنياهو يعلم جيداً أن مقاومة الكلمة أصعب من مواجهة البنادق، فالكلمة تُحيي الروح وتغرس الثقة، بينما السلاح يتطلب قوة مادية قد تُستنزف. لذلك، نراه يسعى لإخماد كل خطاب مقاوم عبر الرقابة، والاعتقالات، ومحاولات تشويه الحقائق، لكنه يواجه شعوباً تعي أن المعركة ليست عسكرية فقط، بل معركة وجود وكرامة وهوية.
على مر العقود، حاول الاحتلال إخماد روح المقاومة عبر القوة المفرطة والتهجير والاعتداءات، لكنه لم يتمكن من محو نصوص الصمود من ذاكرة الشعوب. تتجلى اليوم هذه النصوص في الشعارات والهتافات، بل وفي الأعمال اليومية البسيطة التي تؤكد أن الاحتلال مؤقت وأن الحرية هي قدر الشعوب.
” گاتلوهم ” . ” گال تعالى ” ، ليست مجرد ذكرى أو نص يقتصر على زمن محدد، بل دعوة أزلية إلى الاستمرار في النضال ضد الظلم، دعوة تتكرر مع كل جيل وتستمد قوتها من الحق الواضح الذي لا يمكن لأي احتلال أو قوة غاشمة أن تطمس نوره.
ما يقلق نتنياهو هو أنه رغم جبروت الاحتلال، تبقى الشعوب مؤمنة بأن الحرية قادمة، وأن الغلبة ليست للقوة بل للإرادة. وهذه الحقيقة هي التي تجعل كل نص مقاوم أشبه برصاصة تخترق قلب الاحتلال وتُبقي شعلة الأمل متقدة.
ستبقى كلمات المقاومة تشكل رعباً دائماً للمحتل، وستظل الشعوب قادرة على تحويل النصوص إلى واقع، مهما كانت الظروف والتحديات. وكما قال أحد القادة المقاومين: “ربما يقتلون حامل السلاح، لكنهم لن يقتلوا الكلمة التي تُبقي المقاومة حية إلى الأبد.”
https://telegram.me/buratha