كتب سماحة الشيخ جلال الدين الصغير (حفظه الله)
رفعت المقاومة الإسلامية في لبنان قبل قليل من وتيرةِ الاشتباك مع الكيان الغاصب، فلأوّل مرّة استُخدمت طائرات مسيَّرة انتحارية بحمولةٍ كبيرةٍ من المتفجّرات وذلك أثناء هجومها على ثكنة (زبدين) في شمال فلسطين المحتلة.
وما من شكٍّ أنّ ذلك يتضمن رسائل متعددة الاتجاهات، وفي جميعها فإنّ التصعيدَ خيارٌ جادٌّ لدى المقاومة، ولكن بشكلٍ سريعٍ يمكن مراقبة الأثر الذي سيترتب على ذلك في قِطاعين على الأقل:
الأول: ما يتعلق بالقوة الصهيونية المتواجدة في شمال فلسطين؛ فقد كان لأُسلوبِ المقاومة أن تجعل الجيش الصهيوني ينقسم على قسمين، فيتم حجز مقدارٍ كبيرٍ منه بعيدًا عن غزّة هاشم، خشيةً من الاختراق الشمالي، وهو أمرٌ تحقّق بشكلٍ سريعٍ، وما أَعتَقِدُهُ أنّ مزيدًا من القوات سيتم تحشيدها في المكان، وبالتالي سيدفع الصهيوني لمزيدٍ من التشتيت لقواه وقدراته.
الثاني: يتعلق بنسبِةِ الإخلاء السّكّاني من المنطقة، ففي الفترةِ الماضيةِ تم إخلاء ٥ كيلو متر من مناطق الاشتباك، وهذا المعدل من التصعيد لا شكَّ أنّه سيدفع بالإخلاءات إلى أن تزيد من مدياتها، خاصّة مع الضربة الصاروخية الموجعة لمغتصبة (كريات شمونة)قبل قليل، وهذا له تأثيره الجاد على نفسية ومعنويات العدو جيشًا وحواضنَ للجيش، وهي نفسية ليست في موضع تُحسَد عليه في الأساس، هذا ناهيكم عن الكُلَفِ الاقتصادية والسياسية وما شاكل.
وأعتقد أنّ إحدى الرسائل موجَّهة ــ ولا ريب ــ للأمريكي الذي يقود الصراع بشكلٍ مباشر، إذ سيلحق وزير الخارجية الأمريكي غدًا بالإدارة الصهيونية وسيحمل معه برنامج لهدنة يسمونها (إنسانية) وهي ليست إلّا لالتقاط الأنفاس، وكسب للوقت بعد الفشل الذريع والخسارات الكبيرة في معركة اقتحام غزة.
التصعيد تزامن في حالةِ استنفارٍ قصوى في كلّ مواضع محور المقاومة، مما يشي بأنّ أمام الأمريكي الذي جاء ليُخرج المحتل من أزمته متعددة الأطراف إمّا أن يواجه التصعيد الشامل، وعنده ولا شك ستكون أزمته أعظم من كل ما مَرّ، وإما أن ينثني ليواجه الاستحقاقات السياسة وما ترتب على مجريات غزّة وبقية فلسطين المحتلة.
المثير أنّ التصعيد اللّبناني يأتي عشيّة ما يترقبه العالم ويتوجس منه محور الشر في شأنِ الحديث المرتقب لسماحة السيد نصراللّه -أيّده اللّه بتأييده وحفظه بعزّه الذي لا يرام ـ ولربما جاء التصعيد ليؤشّر على طلائع ملامح خطاب الغد.
https://telegram.me/buratha