المقالات

التحالفات الدولية..!


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

يدرك مخططو الاستراتيجيات في كل من روسيا والولايات المتحدة ان العالم يسير نحو الاستقطاب الثنائي مرة اخرى بعد مضي اكثر من خمسة عقود على انتهاء الحرب الباردة. 

ومن الواضح لكل متتبع ان المحور الاول تقوده الولايات المتحدة، ويضم بطبيعة الحال الحلفاء التقليديين لها في اوروبا "الغربية"، واليابان، واسرائيل، ودولا اخرى. فيما تقود المحور الثاني روسيا ويضم بشكل اساسي الصين و ايران وكوريا الشمالية. 

ويبذل كل محور جهودا دبلوماسية وسياسية وعسكرية واقتصادية من اجل توسيع نطاق تحالفاته الدولية عبر طرح العديد من المشاريع والافكار. 

يدرك الطرفان، ان دول العالم الاخرى لا تقف متفرجة ازاء هذا الاستقطاب العالمي، فقد تميل هذه الدولة الى التحالف الاول، فيما تميل الدولة الاخرى الى التحالف الثاني. وستعمل كل الدول الاخرى التي استطاعت ان تشخّص مصالحها الوطنية على استثمار هذا الاستقطاب من اجل هذه المصالح. 

وليس من الضروري ان الدولة التي لا تشعر بالحب نحو الولايات المتحدة ان تتحالف مع روسيا، كما انه ليس من الضروري ان الدولة التي لا تشعر بالحب نحو روسيا ان تتحالف مع الولايات المتحدة. فقد يعود الامر كما كان ايام جمال عبد الناصر وتيتو ونهرو فتشعر هذه الدول ان مصلحتها تتكمن في اتخاذ موقف عدم الانحياز والحياد الايجابي. 

جيك سوليفيان، مستشار الامن القومي الاميركي، يعترف بالحقيقة المذكورة اعلاه، حيث قال في مقال نشره في مجلة "الشؤون الخارجية" الاميركية في عددها الاخير: "من الطبيعي أن الدول التي لا تنتمي إلى التحالف الأمريكي أو الصيني ستتعامل مع البلدين، سعيًا للاستفادة من التنافس مع الحفاظ على مصالحها الخاصة وعدم تأثرها بأية آثار جانبية. يرى العديد من هذه الدول أنفسهم جزءًا من الجنوب العالمي، وهو تجمع يملك منطقه الخاصة به ونقد مميز للغرب يعود للحرب الباردة وتأسيس حركة عدم الانحياز." وهنا يتعين على كل دولة ليست منضوية الى اي من المحورين، وهي المسماة عامة بدول "الجنوب العالمي" ان تحدد مصالحها الإستراتيجية الوطنية حتى لا تجرفها الشعارات الحماسية والمواقف الانية وان تسعى الى التعامل مع المحورين بناء على مصالحها وليس بناء على اغراءات او املاءات اي محور. 

في نفس الوقت، يتعين على دول المحورين ان تتجنب "إغراء رؤية العالم عبر عدسة التنافس الجيوسياسي أو التعامل مع هذه الدول بوصفها أماكن للتنافسات الوكلاء"، كما كان عليه الحال في فترة الحرب الباردة. في هذا المجال وعد المستشار الامني الاميركي ان الولايات المتحدة "ستستمر في التعامل معها حسب شروطها الخاصة. يجب أن تكون واشنطن واقعية في توقعاتها عند التعامل مع هذه الدول، محترمة لسيادتها وحقها في اتخاذ قرارات تعزز مصالحها الخاصة." لكن المواقف الاميركية المستمرة، وبخاصة موقفها من حرب غزة، وبالذات اصرارها على رفض وقف اطلاق النار لحقن دماء الابرياء لا توحي بالصدقية في هذا الوعد، ولا تشجع على الوثوق به. لهذا سيكون على الولايات المتحدة ان تقدم اكثر من هذا الوعد، وان تقرن الوعود المكتوبة او الشفهية بالاعمال المادية الملموسة. يجب على الولايات المتحدة ان تدرك ان الدول الاخرى قد لا تشاركها في نفس المصالح والاهداف الوطنية وقد لا تشاركها في نفس القيم مثل مسألة الشذوذ الجنسي وتصنيف حماس كحركة ارهابية مثلها مثل داعش. لهذا على الولايات المتحدة ان تطبق بحق ما قاله مستشارها للامن القومي من انها "في العقد القادم، ستقضي وقتًا أكثر مما قضته في الـ 30 سنة الماضية في الحوار مع الدول التي تختلف معها، غالبًا في مسائل أساسية. العالم يصبح أكثر صعوبة، ولا يمكن للولايات المتحدة التحدث فقط مع أولئك الذين يشاركونها الرؤية أو القيم."

هذا الموقف، واذا اقترن بما يماثله على الجانب الاخر، سوف يساعد دول الجنوب على سلوك طريق غير منحاز، سلوك يحقق مصالحها الوطنية فعلا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك