د.أمل الأسدي ||
هل أدركت الفرق بين الذهب والنحاس؟
مادمنا نعيش أيام شهر ربيع الأول المبارك، شهر ولادة النور؛ فتوقف عند نمطين من الناس(قادة، جماعة، أفراد) فعلی الصعيد الإنساني نجد النمط الأول الذي يدرك أن الرسول (صلی الله عليه وآله) هو للإنسانية كلها، وقد دعا إلی ذلك بالقول والفعل؛ بينما يدعو النمط الآخر إلی احتجازه للمسلمين فقط، ويطالب غير المسلمين بعدم الاحتفاء بالرسول أو أن يحتفوا علی مزاجه وضوابطه التي يراها هو!
ـ وعلی الصعيد الإسلامي، نجد النمط الأول يجعل مولد الرسول الأعظم مناسبةً لوحدة الأمة واجتماعها، بينما يدعو النمط الآخر إلی إثارة الضغائن والأحقاد وإثارة الجدل، وبالتالي تضييع معنی الفرح بمولد رسول الله(صلی الله عليه وآله).
ـ وعلی صعيد التحضر والتمدن، هناك من يدعو إلی الاحتفاء بمولد النور المحمدي، لأنه مولد الجمال، مولد التحضر، مولد الارتقاء بالنفس والسمو، بينما يلاحق النمط الآخر( الأعرابي) المسلمين والناس جميعا علی ذكرهم لحبيب الله، ويتقيأ كلَّ ما في جوفه من خشونةٍ وتصحر وأحقادٍ نبذها الإسلام وأقرّ الشريعة السمحاء بدلا عنها!
ـ وعلی صعيد الخطاب الإنساني الجاذب؛ نجد النمط الأول الذي يدعو إلی إشاعة الفرح وقبول الآخر، ويبتهج حين يری مظاهر فرح الناس بمولد الرسول الأعظم؛ بينما ينصّب النمط الآخر نفسه قاضيا وحاكما شرعيا، فيلاحق الناس بفتاواه، ويدخل من يشاء نار جهنم، ويحشر نفسه في أذواقهم وأفكارهم وثقافاتهم، فينغص عليهم الفرحة بتعصبه وآرائه، فيفتش في صفحات الناس ويحاسبهم ويأمرهم وينهاهم وكأنه الناطق الرسمي عن رسول الله الأعظم(صلی الله عليه وآله).
ـ وعلی صعيد الذات الإسلامية القوية؛ نجد النمط الأول يعتد بهويته ورموزه ومنظومته العقائدية، بينما نجد النمط الآخر يعاني من الذات المستلبة المهزومة، ويحاول تصدير هزيمته إلی الآخرين، فيحبطهم ويثبّطهم، ويوسوس لهم كالشيطان ليكفّوا عن الاحتفاء بمولد رسول الله الأعظم، بينما يصفق هو لكل المناسبات الغربية الوافدة!
ـ وعلی الصعيد السياسي؛ نجد النمط الأول يوظف السياسة ومكاسبها في خدمة الدين والهوية الإسلامية، بينما نجد النمط الآخر يستغل الدين ويهين الهوية الإسلامية ويحط من قدرها خدمةً لمصالحه السياسية وتوافقاته الحزبية، ودونيته.
فهل أدركتم الفرق بين يدعو ويدعي؟
وهل أدركتم الفرق بين الذهب والنحاس؟
فالنمط الأول: هو الصوت القادم المُنطَلِق المستمِر، فإذا وصفه الراحل محمد حسنين هيكل ـ بأنه "رصاصةٌ انطلقت من القرن السابع الميلادي، لتستقر في قلب القرن العشرين"
فإننا نصفه بأنه: رصاصةٌ شعاعيةٌ، انطلقت من القرن السابع الميلادي لتستمر في تقدمها حتی بعد القرن العشرين!!
إنه القائد الذي صنع أمةً، القائد الذي يدعو ليعمل هو قبل غيره!
إنه القائد الذي أطلق أعظم مناسبة لوحدة الصوت الإسلامي ونعني بذلك" أسبوع الوحدة الإسلامية"
إنه روح الله الخميــنــي، المُحبّ لرسول الله وأهل بيته(صلوات الله عليهم)... وفي محبتهم يتلاشی الزمان والمكان، فمحبتهم مطلقة غير مقيدة باللحظة الزمانية، وغير مقيدة بالحيز المكاني!
فهنيئا له تلك المحبة، وهنيئا لكل من ينتمي إلی هذا المنهج(منهج المحبة الدائمة) وهنيئا لكل من يسمع قوله تعالی ويتبعه: ((... فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )).
https://telegram.me/buratha