المقالات

المواطنة والتعايش السلمي


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

في اطار نموذج الدولة الحضارية الحديثة، فان العلاقة قوية جدا بين فكرة المواطنة وفكرة التعايش السلمي. فكرة المواطنة تشير إلى حقوق ومسؤوليات الأفراد كأعضاء في مجتمع معين أو دولة، بينما فكرة التعايش السلمي تعني القدرة على العيش معًا بسلام وتعاون في المجتمع، رغم تعدد الانتماءات الدينية والطائفية والسياسية والثقافية.

فكرة المواطنة تتطلب اعتراف الأفراد بحقوق وحريات الآخرين والاحترام المتبادل. يتضمن ذلك عدم التمييز أو التفضيل بسبب العرق أو الجنس أو الدين  أو أي صفة أخرى (بالنسبة لي هذا لا يشمل الشذوذ الجنسي لانه انحراف عن الفطرة الانسانية). فكرة المواطنة تشجع على التعاون والاندماج في المجتمع بصورة متساوية.

من ناحية أخرى، فكرة التعايش السلمي تعتمد على احترام وتقبل التنوع واحترام حقوق الأفراد. يجب أن يكون الجميع قادرين على العيش معًا بشكل سلمي وتعاوني بغض النظر عن اختلافاتهم. مفهوم التعايش السلمي يتطلب التعاون والتفاهم والحوار بين الأفراد.

إذًا، فكرة المواطنة وفكرة التعايش السلمي ترتبطان ارتباطًا وثيقًا، حيث يعتبر احترام وتقدير حقوق الآخرين والقدرة على التعايش بصورة سلمية أساسًا لتحقيق مجتمع يعتد به الجميع مواطنين كاملي الحقوق.

لكن تعزيز مفهوم المواطنة يتطلب جهودا مشتركة من جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الحكومة والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية. فيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن تساعد في تعزيز فكرة المواطنة:

1. التعليم: يجب أن يكون التعليم عن المواطنة جزءًا أساسيًا من المنهاج التعليمي. يمكن تضمين مبادئ المواطنة والقيم الأخلاقية في الدروس والأنشطة التعليمية. يجب تعزيز قيم التسامح والعدالة والتعاون.

2. التوعية العامة: من المهم زيادة الوعي والفهم لدى الناس حول حقوقهم وواجباتهم كمواطنين. يمكن ذلك من خلال حملات توعية في وسائل الإعلام المختلفة والمنتديات العامة.

3. المشاركة المجتمعية: يجب تشجيع المشاركة المجتمعية لدى الناس وتمكينهم من المشاركة في صنع القرارات المحلية والمشاركة في الأنشطة المجتمعية. يمكن تعزيز الشفافية والمساواة في الفرص المشاركة.

4. تعزيز التنوع والشمول: يجب أن يتم تعزيز التسامح وقبول التنوع في المجتمع، بغض النظر عن الاختلافات في العرق والجنس والدين والثقافة. يمكن توفير فرص تعلم وتفاهم بين الثقافات المختلفة.

5. مكافحة التمييز: يجب مكافحة التمييز وظلم المجتمع بجميع أشكاله، سواء كان ذلك على أساس العرق أو الجنس أو الدين. يجب أن يتم التعامل بشكل عادل ومتساوٍ مع جميع الأفراد.

يتطلب تعزيز مفهوم المواطنة الجهود المستمرة والتعاون الشامل من جميع أفراد المجتمع، وهذا يمكن أن يؤدي إلى بناء مجتمع أكثر تلاحمًا وتسامحًا وتعاونًا.

يمكن للدين يمكن أن يكون عاملاً إيجابياً في تعزيز فكرة المواطنة والتعايش السلمي ، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يكون له أيضًا تأثير سلبي. يعتمد ذلك على كيفية تفسير وتطبيق المبادئ الدينية وكيفية تعامل المؤمنين بها مع الآخرين.

عندما يتم فهم الدين بشكل سليم وتطبيقه بشكل صحيح، يمكن أن يشجع الدين على قبول التنوع والتسامح والعدالة والرحمة. يمكن أن يواجه الدين التحديات فيما يتعلق بتفسير الكتاب المقدس (القران او الانجيل او غيرهما) أو العقائد أو التقاليد الدينية بطريقة سيئة أو بطرق تتعارض مع قيم التعايش السلمي.

مع ذلك، يمكن للمجتمع تعزيز فكرة المواطنة والتعايش السلمي من خلال تعزيز المفاهيم ذات العلاقة بالدين مثل العدل والتعاون وحب الجار والتسامح. يمكن توفير التربية الدينية والتثقيف الديني السليم لتوضيح قيم التعايش والمساواة التي تدعم المواطنة الايجابية.

من المهم أيضا التعامل بإحترام ومرونة مع تنوع المعتقدات الدينية في المجتمع. يمكن تعزيز الحوار البناء والتفاهم المتبادل بين الأديان المختلفة وتبادل المعرفة والثقافة لتعزيز التفاهم المتبادل والتسامح.

في النهاية، الدين له القدرة على تعزيز فكرة المواطنة الإيجابية والتعايش السلمي عندما يتم تطبيقه بطرق تدعم القيم الأساسية للحقوق الإنسانية والمساواة والعدالة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك