محمد عبد الجبار الشبوط ||
اسجل هنا للصديق الدكتور محمد الثعالبي المقيم في لندن سبقا في دعوته الى المواطنة في وقت مبكر. ففي مرحلة المعارضة كان الثعالبي يقول ان مشكلتنا تكمن في غياب فكرة المواطنة. لم ارفض فكرته بمعنى اهمية المواطنة، لكني كنت اقول ان مشكلتنا تكمن في التخلف الذي عرّفته لاحقا بانه خلل حاد في المركب الحضاري للمجتمع والدولة ومنظومة القيم الحافة بعناصر هذا المركب. وبناء على هذا التعريف جُمع القولان بقول واحد هو ان غياب فكرة المواطنة احد مصاديق او مظاهر او افرازات الخلل الحاد في المركب الحضاري، اي التخلف.
وحينما عدنا الى العراق بعد سقوط الطاغية اسسنا التيار الاسلامي الديمقراطي (والصفة للتيار وليس للاسلام) مع عدد من اصدقائنا اذكر منهم المرحوم الشيخ خير الله البصري والمرحوم ابراهيم الشبوط و حسين العادلي وعزت الشابندر وجليل الخير الله واخرينضض لا يسعني حصر اسمائهم هنا. وطرحنا شعار: "المواطنة وحدة بناء والكفاءة وحدة قياس". وكان هذا الشعار قاعدة تصوراتنا عن اعادة بناء الدولة في العراق بعد سقوط الدكتاتورية. هذه التصورات التي تطورت عندي الى فكرة الدولة الحضارية الحديثة التي اصبحت "المواطنة" اساسها الاول، في التعريف والنظرية والبناء، ثم تتلوها الاسس الاخرى وهي: الديمقراطية والقانون والمؤسسات والعلم الحديث. وسبقنا بذلك الاستاذ عزمي بشارة الذي يقول في كتابه الاخير (صدر في هذا العام ٢٠٢٣) انه يريد ادخال المواطنة في صلب تعريف الدولة، وقد فعلنا ذلك قبله ولكن بشكل اشمل حيث ادخلنا منظومة القيم كلها ومن بينها مفردة المواطنة في صلب تعريف الدولة التي وصفناها بالحضارية والحديثة.
والان اعيد القول بانه في بناء الدولة الحضارية الحديثة، فان المواطنة تلعب دورًا أساسيًا وحيويًا في استقرار وتطور الدولة. وفيما يلي بعض الأهمية التي تحملها المواطنة في بناء الدولة الحضارية الحديثة:
1. الوحدة والانتماء الوطني: تعزز المواطنة الانتماء والولاء للدولة، وتؤدي إلى توحيد الشعب وتعزيز روح الوحدة والتعاون بين المواطنين. وبالتالي، يتم بناء قاعدة قوية للدولة الحضارية.
2. المشاركة السياسية: تتيح للمواطنين القدرة على المشاركة في صناعة القرارات السياسية والحكم في الدولة. من خلال الاستفادة من هذا الحق، يمكن للأفراد المساهمة في تشكيل السياسات العامة وتحسين الحياة العامة.
3. الالتزام الاجتماعي: تلعب المواطنة دورًا هامًا في تعزيز الالتزام الاجتماعي والمسؤولية تجاه المجتمع. وبالتالي، يسهم المواطنون الملتزمون في تحسين أوضاع المجتمع وتقدمه.
4. الحقوق والحريات: تكمن أهمية المواطنة في ضمان حقوق وحريات المواطنين. فهي توفر حماية للأفراد وتضمن حقوقهم في الحرية الشخصية والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
5. التعليم والتنمية: تساهم المواطنة في تعزيز التعليم والتنمية الشاملة في الدولة. من خلال فهم الحقوق والمسؤوليات الوطنية والمشاركة الفعالة في عملية التنمية، يمكن للمواطنين المساهمة في تحقيق التقدم والازدهار الاقتصادي والاجتماعي.
باختصار، يمكن القول أن المواطنة تعزز الانتماء الوطني، وتعزز الحوار والتعايش السلمي بين المجتمعات المتنوعة، وتؤدي إلى بناء دولة حضارية حديثة قوية ومزدهرة.
https://telegram.me/buratha