عمار محمد طيب اللعراقي ||
ثوابت السياسية الأمريكية معروفة تماما، ومن العسير أن نكتشف فيها متغيرات جوهرية، فهي تدور في مدار نظرية حقول المصالح، وحيثما لأمريكا مصلحة؛ فإن على الساسة الأمريكان حماية تلكم المصلحة، بمستوى أعلى من مقدارها، فيوفرون وسائل الحماية، ويضعونها أمام المصالح بمسافة، حتى لا تتعرض المصالح لضربات مفاجئة..
لذلك فأنهم عندما يُلجأون الى القتال لحماية مصلحة لهم، أو تهمهم في مكان ما، فإنهم لا يقاتلون خلف الهدف، ولا فوقه، بل أمامه بمسافة؛ توفر لهم إمكانية المناورة المحسوبة..تلك هي عقيدتهم الإستراتيجية السياسية..
اللافت أن أغلب الرؤوساء الأمريكان؛ خدموا لفترتين رئاسيتين، وغالبا ما يتم إعادة إنتخاب الرئيس ليس لحسن أداءه في الفترة الأولى، بل لأن من صنعوا الرئيس، قد توفرت لهم عناصر الثقة؛ بأن ما بناه في الفترة الأولى يستحق أن يتمه..
في الفترة الأولى تكون الإستراتيجية مترعة بالوعود والخطط، في الفترة الثانية تكون الإستراتيجية؛ إتمام لما تحقق من تلك الوعود..
في إستراتيجية اي رئيس أمريكي، سواء كان ديمقراطيا او جمهوريا؛ فإن المحاورهي هي؛ هي تلك التي تبناها الرؤساء الذين سبقوه..!
الإستراتيجية بها تفاصيل كثيرة؛ لكن خطوطها العامة هي: أمن أمريكا ومواطنيها وحلفاؤها وشركاؤها.. اقتصاد أمريكي قوي ينمو ويعتمد على التطور النوعي، في مجال إقتصادي عولمي مفتوح، وإرغام الحلفاء والخصوم؛ على إحترام المصالح الأمريكية العامة، في أمريكا ذاتها وحول العالم، واستمرار بناء النظام العالمي أحادي القطب، وتطويره بقيادة أمريكا بشراكة قوية؛ مع أوربا وأسرائيل واليابان وكوريا الجنوبية لمواجهة التحديات.
في الإستراتيجيةالأمريكية الراهنة، لم يعد ثمة وجود لمفهوم الحرب الإستباقية، الذي تبناه بوش الأب والابن...إذ أن وضع أمريكا وحلفائها لم يعد يتحمل حروبا مباشرة، نعم يمكنهما اللجوء الى حروب النيابة واستغلال أي أداة ممكنة..وفي هذا الصدد ليس ثمة قيم وأخلاق..!
أعداء الأمس يمكن أن يكونوا حلفاء اليوم، وحلفاء الأمس أذا لم يعد بإمكانهم تلبية متطلبات التحالف؛ فإلى حيث وبئس المصير، والسعودية ومن معها الى قير...!
والذي يحصل اليوم في الساحة الإقليمية التي تحيطنا، ترجمة نصية لهذه الإستراتيجية.. "القاعدة" و "داعش" صنعتها أمريكا لقتال السوفييت الروس في أفغانستان، ثم حاربتها بعد خروج الروس، أمريكا هي التي "سمحت" بتشكل نشاط للقاعدة في العراق، لوأد تشكل أي شكل من أشكال التعاضد أو التحالف؛ بين الوضع الجديد في العراق وجمهورية إيران الإسلامية..
وفي هذا السياق فإن ما يحدث غربي العراق؛ ليس ببعيد عن هذا النهج، إن لم يكن في صلبه..فالخوف قائم لدى حلفاء أمريكا، من تشكل قوة إقليمية كبرى من العراق وأيران وسوريا والمقاومة.. لا سيما وأن تنور فلسطين يفور بقوة..
لأن من أَمِنَ الزمان خانه، فإننا إذا فهمنا الأمور على وفق هذا التصور الواقعي، سنستطيع أن نقرر أين نضع أقدامنا، في غابة المصالح الأمريكية؛ التي أرغمنا على الدخول فيها قسرا في 942003..وسنقرر بحصافة، ما هي مصالحنا مثلما يبحث الآخرين عن مصالحهم...
مصالحنا بالتأكيد ليست مع أمريكا وحلفائها، ليس لإختلاف العقائد وحسب، بل لأننا لسنا وإياهم من سنخ واحد...!
شكرا
https://telegram.me/buratha