عمار محمد طيب العراقي ||
غالبا ما تفكر الأنظمة الحاكمة بأعدائها من خارج "سيستم" النظام، سواء كان الأعداء خارجيين أو في المعارضة، كلما كان هناك حديث عن المخاطر، التي تهدد الأنظمة الحاكمة، وفي ذلك خطأ كبير لأن التجارب أثبتت في الماض ـ وما تزال تثبت في الحاضرـ أن من أشد المخاطر التي تهدد الأنظمة هي تلك المخاطر التي تأتي من داخلها.
يمكن القول بأن من يهددون الأنظمة الحاكمة من داخلها، يمكن تشخيصهم من خلال صفاتهم التي تتمثل غالبا بـ:
• أنهم كبار المسؤولين الذين لا يؤدون المهام الموكلة إليهم، ويتهربون من واجبهم الوظيفي، ولكنهم ـ وللتغطية على فشلهم في أداء واجبهم ـ يبالغون كثيرا في إظهار الولاء الزائف للنظام القائم ولمن يمسك مفاتيح السلطة بيده.
• أنهم المسؤولون الذين يضعون مصلحتهم الخاصة، فوق مصلحة النظام والمصلحة العليا للبلد، ويمكن التعرف على هذا النوع من خلال ثلاثة مؤشرات:
ـ أغلب الإجراءات التي يقومون بها في قطاعاتهم لا تخدم القطاع ذاته، وإنما تخدم مصالحهم الخاصة، ولذا فهي تكون لصالح الدوائر الضيقة التي تحيطهم، بعيدا عن البحث عن الأكفأ والأجدر؛
ـ توجيه الصفقات في القطاع بعيدا عن الشفافية والإجراءات الطبيعية للصفقات؛
ـ الإنفاق بكرم على تلميع أنفسهم وقطاعاتهم، دون الاهتمام بتلميع النظام في مجمله، وفي كثير من الأحيان، تجد مثل هؤلاء ينفقون على مدونين وصحفيين، ينتقدون بشدة النظام الحاكم أو بعض أركانه، ولكنهم في المقابل؛ يبالغون في الدعاية لهذا الصنف من المسؤولين الذي يغدقون عليهم، والذي يهتم فقط بتلميع وتسويق نفسه، أما تسويق النظام والدعاية له فلا تعنيه في شيء؛
• المسؤولون الذين ينخرطون بقوة في اللوبيات المتصارعة داخل الأنظمة الحاكمة، والذين يجعلون في كثير من الأحيان خصوماتهم مع بعضهم بعض فوق خصوماتهم مع معارضة تلك الأنظمة أو مع أي جهة أخرى يمكن أن تعادي تلك الأنظمة؛
• المسؤولون الذين لا يملكون الكفاءة والأهلية؛ لتأدية المهام الموكلة إليهم، هؤلاء يشكلون خطرا مستديما على النظام الحاكم، حتى وإن كانوا صادقي الولاء وشديد الإخلاص للنظام؛
• المسؤولون أو السياسيون الذين لا يستطيعون أن يضيفوا رصيدا من الإنجازات إلى رصيد النظام القائم، وإنما يقتاتون فقط من رصيد المسؤول الأول في البلاد، ويسحبون منه باستمرار ودون أي إضافة؛
• المسؤولون الذين يتغنون علنا بشعارات النظام، ويقومون ببعض الأعمال المسرحية لتأكيد أنهم يقربون خدمات الإدارة من المواطنين، ولكنهم عند أي اختبار جدي ،يظهر زيف ادعائهم ذلك، وينكشف مدى احتقارهم للمواطنين.
• الدائرة الضيقة الذين يستغلون النفوذ لظلم المواطنين، أو للحصول على امتيازات خاصة لا يخولها لهم القانون؛
• المسؤولون العاجزون عن اتخاذ زمام المبادرة، وإعداد التصورات والخطط، ويكتفون فقط بالتفرج في زمن الكوارث والأزمات؛
• المسؤولون العاجزون عن متابعة أداء العاملين في قطاعاتهم، والعاجزون كذلك عن إيصال مشاكل المواطنين وتقديم النصح الصادق لمن هو أعلى منهم وظيفة ورتبة؛
• المسؤولون العاجزون ذاتيا؛ عن تقديم أداء ميداني ملموس في قطاعاتهم، فمثل هؤلاء يشكلون خطرا على النظام، حتى ولو شُهِدَ لهم بصدق الولاء، والابتعاد عن المال العام. في بعض الأحيان قد يكون المسؤول المفسد الذي يمتلك قدرة كبيرة على الأداء، أفضل للنظام من ذاك الذي لا يعتدي على المال العام، ولكنه في الوقت نفسه مكبل الأيادي وعاجز عن تسيير قطاعه.
• المسؤولون المفسدون الذين ينحصر اهتمامهم في البحث عن أسرع الطرق لنهب المال العام، هؤلاء وضعتهم في أسفل اللائحة؛ ليس لقلة خطورتهم على الأنظمة الحاكمة، بل لأنهم الأشد خطرا على الأنظمة الحاكمة، ولن يقلل من خطورتهم إن تم وضعهم في أسفل اللائحة.
خلاصة القول:
إن كل من يحمل صفة أو مجموعة من الصفات أعلاه يشكل خطرا على النظام الحاكم، وكل ما زاد عدد من يحملون هذه الصفات في أي نظام زادت المخاطر التي تهدد ذلك النظام، وكلما تناقص عدد هؤلاء في أي نظام، كان ذلك مؤشرا قويا على قوة النظام، وعلى قدرته على الصمود في وجه الأزمات والكوارث التي باتت تهدد الكثير من بلدان العالم.
شكرا
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha