د.أمل الأسدي ||
وكأنّ صوته مازال يجذبك وأنت تسمعه ينشد:
طولنه الغياب وردينه بمصاب
من اليسر ياحسين اليوم
مابين الگبور انحـــوم
مانسمع اجواب ردينـه بمصاب
عُد إلی صوته... حيث الكاظمية، وتصفّح شناشيلها، استمع لوقع أقدام الآباء صباحا، واملأ رئتك بمحبة الأمهات المشتعلة مع الحرمل في غُرّة اليوم، حياتهم بسيطة وعميقة، وتعلقهم شديد بالكاظمية، فكل مكان لايعادل(الولاية) كما يسمونها!!
هناك.. المساحات معطلة، والمسافات صامتة، فلاتفرق بين بيت صغير وآخر كبير، فالمقاييس هنا مختلفة، تحددها المحبة والطيبة والولاء!
وأجمل منظر وأفخم مكانٍ في العالم، قد لايستبدله أهلها بظهرية جميلة تفوح منها رائحة" الشيخ محشي" وتعلو من صوبها ضحكات الأطفال وأصوات أفراد الأسرة المجتمعة!
هناك في الكاظمية؛ كان حديث كبارها وكبيراتها كله حكمة، وحديث شبابها ينثُّ وعيا وثقافةً وشعرا!
هناااك حيث صوت الشاعر فاضل الصفار، والشاعر مجبل التميمي ، والشاعر السيد صادق الاعرجي ، والشاعر جابر الكاظمي، والشهيد الشاعر السيد علي الموسوي، و هو الصوت الأهم، رفيق الداعية الرادود عباس جبار العارضي حتی نهاية رحلة التحدي والعطاء
...هناك كان الطغاة يرتعدون من الكلمة الحسينية، كانوا يحاصرون ذاكرتها!! وكان الشعراء والرواديد لايتنازلون عن كلمتهم الحسينية ومنهم: الرادود عدنان الطيار ، والرادود وطن، والشاعر علي التلال ، والشاعر عبد الرسول محيي الدين...الخ
إذ كانت المواكب عامرة الذكر قبل أن يلاحقها نظام المـوت البـعثـي ومنها:
موكب طرف الأنباريين ، موكب آل ماجد ، موكب طرف البحية ، موكب الزراعة، طرف العكيلات ، موكب الإمام المنتظر، موكب الإمام الحسن، موكب جمهور الكاظمية
...الخ
أيها المنبر الحسيني الجواد، ماذا كتبتَ في سجلاتك؟ وبأي وسيلة كفكفت دموعك؟ وكيف نرد جميلك؟
حفظت فطرتنا.. هويتنا.. قلوبنا... إنسانيتنا.. بقاءنا!!
كنت شاهدا علی صوت الوعي، ووعي الصوت المسافر في عروق التأريخ، العائد في أوردة المستقبل!
هنا الكاظمية، هنا كان الداعية المظلوم الرادود عباس الكاظمي العارضي(أبو زينب) يدون اسمه: شهيد المنبر الحسيني..
غيبوا أنفاسه، وأرادوا إخماد صوته الحسيني؛ ولكن صوته بقي وارتفع وأثمر رغما عنهم!
داهم الجلاوزة منزله عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، بتأريخ ١٧ / ١٢/ ١٩٧٩م، الموافق ٢٥ من المحرم الحرام ١٤٠٠هـ واعتقلوه ثم أعدموه!!
أُتلفت مكتبته الصوتية والورقية خوفا من مداهمات البعــث الأخری كما يذكر أخوه الباحث(محسن جبار العارضي).
لقد رحل إلی جنب من أحبه وآمن به...ولم يمض علی زواجه إلا بضعة شهور، وقد شاء الله أن يكون اسم زوجته" نضال" "نضال عبد الحسين عبيدة" لتناضل في حياتها وتتحمل أوجاعها، وتعاني ويلات الفراق وآلام المرض، وشاء الله ـ أيضاـ أن تكون له ابنة، اسمها"زينب"
بعد هذا يا أحبة، هل سمعتم بقصصننا الحسينية؟
إنها وباختصار: عباسٌ ونضالٌ وزينب!!
وكأن شهيدنا كان يعلم أنه الوداع، فقرأ آخر ليلة في جامع الرسول في الكاظمية المقدسة:
نودعچ يا زينب
هالليلة الوداع
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha