عدنان جواد ||
شهدت اغلب مدن العراق في الايام القليلة الماضية انقطاعاً شبه تام للتيار الكهربائي، وحسب كلام الناطق باسم وزارة الكهرباء احمد موسى، ان السبب الرئيسي هو انخفاض تجهيز الغاز الايراني، وخاصة في المحافظات الجنوبية التي تعدت فيها درجة الحرارة (50) مئوية، ويعتمد العراق على الغاز المستورد من ايران في تشغيل محطات توليد الكهرباء في العراق، وفي حال تتوقف ايران عن تزويد تلك المحطات بالغاز سوف تصبح (طابوكة) كما يقول موسى من على شاشة قناة الشرقية، وهو الذي قال قبل كم شهر ان الوزارة سوف تقلل ساعات القطع الى ساعتين او ثلاثة في الصيف القادم قصده هذا الصيف، ويستورد العراق 1,5 الى 1,8 مليار متر مكعب من الغاز الايراني يومياً، وان وزارة الكهرباء غير معنية بتحويل الاموال الى الجانب الايراني عن استيراد الغاز، وان المصرف التجاري العراقي(TBI) هو المعني بتسديد الديون والحوالات الى الجانب الايراني، والمصرف يقول ان الولايات المتحدة الامريكية لا تسمح له بتحويل تلك الاموال بالدولار لان ايران تخضع للحصار الامريكي.
نتساءل اين وزارة الكهرباء طوال (20) سنة، فهناك سيل من الاموال المهدورة، ووعود مكررة، ووزراء تحولوا من مجرد موظفين الى اصحاب مليارات وعقارات في مختلف القارات، وفي كل صيف وتموز تسقط حكومات ويستقيل وزير نتيجة الفشل والتقصير، فقد تم صرف مبلغ (80) مليار دولار على وزارة الكهرباء ، وهي لحد الان لم تضبط عملها فالحاجة للوقود وكيفية توفيره، والتوليد ومقداره، والتوزيع وتطوير الشبكات الناقلة التي لازال بعضها منذ (40) سنة يعمل، ومحاسبة المتجاوزين على الشبكة، والجباية وتفعيلها فوزارة الكهرباء التي تعطي كهرباء لوزرات غير منتجة ، ومصارف وشركات وجامعات اهلية مملوكة لجهات سياسية تربح ولا تدفع فواتير الكهرباء!، ومنازل (تجطل) على الشبكة لان اصحابها فوق القانون، نحن نبحث عن منقذ ونحن لا ننقذ انفسنا، ولماذا لا نستعين بالخبرات والشركات العالمية في التأسيس والبناء والادامة، ولماذا نرمي باللوم على ايران وكأنها هي المسؤولة عن الكهرباء في العراق؟، وانه لا توجد اي محطة متوقفة او محترقة او مستهدفة من الارهاب في الوقت الحاضر كما كان يتحجج في السنوات السابقة باستهداف الابراج، وانما الخلل بالوقود، والعراق ليس لديه غاز يكفي لتشغيلها، وخطوط الربط الكهربائي الايراني ايضاً توقفت، فبعد (20) عام لا توجد حلول للكهرباء في العراق الا بالغاز الايراني؟!، والمشكلة البعض يقول ان سبب تأخر صناعتنا وزراعتنا هو ايران، بل البعض يقول عندما نتخلص من النفوذ الايراني سوف يستقر العراق ، فيصيح ويصرخ ايران برا برا، وتم التعبير عن ذلك بصورة واضحة في ملعب المدينة، وان ايران من ادخلت التكتك والسايبا وكل شيء سيء بالعراق، وان ايران لا تسمح بتبليط الطرق وبناء الجسور والمجمعات السكنية، بل وصل الاتهام لإيران صعوبة اسئلة السادس الاحيائي الحالية!، والبعض قال لا حاجة لنا بإيران بعد اليوم فنحن سوف نرجع لحضننا العربي، وسوف يكون هناك ربط سعودي واردني مصري!، نظام سياسي فشل في حل مشاكله وازمات الدولة التي يقودها، وكل هم هذا النظام جمع الاموال من المناصب التي يحصل عليها من الحصص، ولا احد يذكر الولايات المتحدة الامريكية وهي الدولة المحتلة للعراق فعلياً، ولديها تجارب مع الدول التي احتلتها او تدخلت في شؤونها، فجعلتها تسودها الفوضى والفساد، كما في امريكا اللاتينية والشرق الاوسط كما حدث ولازال يحدث في العراق وليبيا وسوريا وحالياً السودان.
ان رمي الفشل والتقصير على الاخرين سياسة لم تعد نافعة، وينبغي لمن يتصدى للمسؤولية ان يتحملها ويجد الحلول للمشاكل، فهل يستطيع مطالبة تركيا بضخ الماء من السدود التركية بعد الجفاف وايقاف تصدير النفط من الاقليم؟ وهل يملك ورقة للضغط والتفاوض بهذا الشأن؟، فتركيا تتهم العراق بإهدار الماء وهي لا تمنح الماء بدون مقابل ، وايران تطالب بمستحقاتها المالية وهذا من حقها، فهي ايضاً لديها شعب يحتاج الى الكهرباء والاقتصاد المستقر، وقيادات الدول تبحث عن مصالح دولها وراحة شعوبها، ولا يمكنها الدفع بدون مقابل، وكأنها (مخلفتنه وعافيتنه)، فينبغي الكف عن هذا الاسلوب وتسمية من يعطل المشاريع الكبيرة وفي مقدمتها الكهرباء بمسمياتها الواضحة والصريحة، سواء كانت دول او شخصيات في الدولة العراقية، ودعم القضاء لمحاسبة هؤلاء واتهامهم بالخيانة العظمى، هي اول الحلول، اما البقاء برمي اللوم على ايران وتحريض الناس على ايران وكأن الكهرباء في العراق ايرانية وليست عراقية، سياسة فاشلة ولا تقدم ولا تأخر، فيجب اخراج ملف الكهرباء من الحسابات السياسية، والتركيز على الجوانب الفنية، وعلى رئيس الحكومة عدم الخضوع لأوامر زعماء الكتل السياسية وخاصة في مجال محاسبة الموظفين الفاسدين في وزارات الدولة اذا اراد النجاح والا ستبقى ازمات البلاد ومعاناة العباد وفي مقدمتها الكهرباء مستمرة .
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha