حافظ آل بشارة ||
يمكن بحث موضوع تنصيب النبي (ص) لأمير المؤمنين (ع) خليفة له بأمر الله تعالى ضمن الفهم العام للآية الكريمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)(المائدة-3)فهي نداء الهي للمسلمين، فقول الله تعالى (اليوم) اشارة واضحة الى اليوم الذي جمع فيه النبي الحجاج العائدين الى المدينة والقى خطبته المعروفة عند غدير خم، التي اعلن فيها استخلاف امير المؤمنين (ع) وضمن سياق فهم الآية ايضاً قوله تعالى (اكملت) وهذا يعني ان الدين لم يكتمل الا بهذا الاستخلاف، اما كلمة (اتممت عليكم نعمتي) فيعني اتمام نعمة الاسلام بهذا الاستخلاف، فهو اكمال للدين واتمام للنعمة، وكل جدال في هذا الموضوع يبدو عقيما، لكن علماء مدرسة الخلافة حاولوا صرف هذه الاية عن مغزاها لان الايمان بموضوع خلافة علي سيؤدي الى نسف شرعية خلافة الآخرين، لذلك تضافرت الجهود من اجل تحريف المعنى واستحداث تفسير مختلف للآية، وبذلوا جهودا كبيرة ايضا لتغيير مغزى عبارة (من كنت مولاه فعلي مولاه...) ولم يتركوا رأيا في بيان معنى المولى في لغة العرب الا طرقوه لكي يقولوا ان كلمة مولى لا تدل على الاستخلاف... الخ، واذا كانت المشكلة لغوية فان شعراء الجاهلية وصدر الاسلام هم اعلم الناس باللغة العربية، وهذا الشاعر حسان بن ثابت الذي كان حاضرا واقعة الغدير له قصيدة توثق الواقعة، وجاء فيها :
فقال له قم يا علي فإنني
رضيتك من بعدي إماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه
فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه
وكن للذي عادى عليا معاديا
ولا يوجد اوضح من هذا البيان لمعنى الولي وكونه يعني الحاكم.
الا ان امير المؤمنين (ع) ذات يوم اقسم على من سمع قول النبي مباشرة في الغدير (من كنت مولاه...) ان يشهد فشهد ثلاثة عشر صحابيا انهم سمعوه، وهو يعلم حينها ان المشكلة ليست في اللغة بل في التوثيق وصحة الوقوع.
مع ذلك يمكن بحث الموضوع خارج اطار الآية وخارج قول النبي ليصل الباحث عن الحقيقة الى النتيجة نفسها، فهناك حقائق موضوعية ترجح استخلاف النبي عليا (ع) هذه الحقائق تتعلق بفضائله التي لم تتوفر في شخص آخر من الصحابة والتي لا يمكن احصاؤها في هذه العجالة لكنها مورد اجماع لدى الفريقين.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha