د. رعد هادي جبارة ||
يقول الله سبحانه وتعالى:
*﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾* [ البقرة: 198].
يوم عرفة يومٌ عظيم
يوم المعرفة واليقين
يوم الثقة برحمة رب العالمين ،وعنايته و رعايته للخلق اجمعين
يومٌ يباهي الله فيه ملائكته بعباده الصالحين، القانتين، على صعيد مكة ومنى وعرفات ، وزوار الحسين ع.
إنه اليوم الذي اقترن بدعاء الامام الحسين سيد الشهداء ع المسمى بدعاء عرفة المليء بالقيم العليا والمفاهيم السامية و التألق والذوبان في حضرة المحبوب الاكبر، و كأنه يوم عروج الحسين ع في الملكوت كما عرج ،من قبلُ، جده المصطفى صلى الله عليه واله وسلم في السماوات العلى .
ومما يقوله الحسين ع في دعاء عرفة:
*{ماذا وَجَدَ مَن فَقَدَكَ ؟ ومَا الَّذي فَقَدَ مَن وَجَدَكَ ؟كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ في وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثارُ هِي الَّتي تُوصِلُ اِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً}*
ثم يقول ع:
*{اللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَ تُغْنِي الْفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَ تُعِينُ الْكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ، وَلَا فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ.يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ، يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا وَزِيرَ}* .فما أروع هذه المناجاة مع الله جلت عظمته.
ويوم عرفة تالي تِلْو ليلة القدر من حيث المنزلة و العطاء،ونزول الملائكة أفواجاً،وشمول الرحمة و المغفرة.
وفي هذااليوم وعبر ذكر الله في هذا الدعاء وغيره مما ورد في الصحيفة السجادية والاوراد الاخرى؛ترتسم أشرف الكلمات وأروع المفاهيم و أسمى المفردات المعنوية والروحية .
والمسلمون عموماً و الحجاج خصوصاً و المؤمنون بالذات من أقصى شرق الأرض إلى غربها؛جدير بهم في هذااليوم أن يتأملوا ويتمعنوا في كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله وسيرة الأئمة و دعاء الاولياء،لتتجسد لهم هذه القيم السامية، و يدركوا بركات الاجتماع المليوني لحجاج بيت الله الحرام،ويجعلوها مفتاحا لتأصيل المعرفة و تجسيد قيم السماء ومُثل الاسلام، والولوج إلى البناء الروحي والمعنوي و التربية الذاتية.
ان يوم عرفة يوم مبارك جدا لأن الله (جلت عظمته) دعا عباده الصالحين الى عبادته و طاعته ودعائه وسط مائدة الجود والاحسان و تقديم القرابين والاضاحي و هناك كثير من الروايات و الاحاديث التي تؤكد لنا ان المولى تبارك وتعالى له عناية خاصة بعباده في هذا اليوم الروحاني و المحطة المضيئة في حياة المسلمين التي تمدهم بالعطاء والنقاء والضياء والولاء والوفاء.
☆الأمين العام للمجمع الدولي للقرآن
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha