حيدر الموسوي ||
منذ عقود بدأت ظاهرة الترويج والتسويق للمنتج عبر وسائل الاعلام التقليدية ومن ثم انتقلت في السنوات الاخيرة الى العالم الرقمي ومنصاته المنتشرة
ولا بأس ان يلعب الاعلام دور مهم في انجاح الطلب على منتج معين ولكن ماذا لو كان هذا المنتج ليس بمستوى الطموح بعد تجربته من قبل المستهلكين ، فمن الطبيعي ان يأخذ حيز من الزمن لجني الارباح ولكن سرعان ما ينتهي ويصبح في خبر كان كونه قد فشل في اقناع المستهلكين
والدليل ان هناك منتجات عالمية وماركات لا تحتاج الى اي دعاية اعلامية ابدا فلن تجد مثلا شركة ابل ان تقوم ليلا ونهارا بالاعلان عن منتجاتها او برامج تلفزيونية برعاية الايفون ، ولن تجد اي اعلان عن منتجات السيارات من شركة مرسيدس او منتجات ساعات رولكس لانه هذه تعتبر من المنتجات رقم واحد عالميا ولا يمكن التشكيك ابدا بمتانتها ورصانتها من كل الجوانب
هكذا الامر ينسحب على عالم السياسة ايضا ، فكم استثمرت حكومات وانظمة واحزاب واشخاص في اقناع الناس بافكارهم عبر استخدام وسائل الاعلام لكن في النهاية ان كانت غير قادرة على تحقيق ما اوعدت به
ينتهي وضعها ومن الصعوبة بمكان الوثوق بها مجددا
اعجبتني جملة مهمة قال السيد رئيس مجلس الوزراء الحالي السيد السوداني ان اهم شيء عنده في منهاجه هو كيفية اعادة الثقة من قبل المواطنين بالعملية السياسية والنظام السياسي بشكل عام . من دون تحقيق هذا الهدف فان كل شيء لا قيمة له ، وهذا الشيء يجبر احيانا المسؤول التنفيذي الى ان يصبح اسيرا للاعلام والسوشال ميديا
ويقوم بتخصيص وقت كبير جدا من اجل متابعة ما ينشر ويكتب ويحاول ان ينسجم مع ما يطلبه جمهور المنصات حتى يقال بحقه انه افضل شخص يقدم خدمة ومتواضع وزاهد وعابد الخ، هذه الافكار اقنع بها بعض المستشارين اصحاب المناصب التنفيدية انها ستكون بديلا جيدا ويحظى باحترام الناس واغداق المديح ، لكن لا يعلم هذا المسؤول حال وجود اي خطأ فيما بعد ستفتح عليه باب جهنم ويصبح مسخرة الراي العام كما في قضايا مسؤولين كثيرين من بينهم رئيس مجلس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي اقنعوه حاشيته باعتبار انهم مختصين بالاعلام فقط انه ممكن رفعه الى السماء من خلال جيوش الكترونية وصفحات فيس ومدونين ومطبلين في الاعلام الرسمي لانجازات على الورق فقط ، هذا الفكرة التي انتشرت اليوم في صفوف الطيف الحكومي والسياسي هي ظاهرة انية كون التداعيات فيما بعد ستكون وخيمة على الشخص المسؤول مثلما حدث مع الكاظمي وغيره وحادثة الو عماد التي يعرفها حتى الطفل ليست ببعيدة
الشعبوية منهج لا بأس به عندما يقرن بمنجز على الارض حتى لو كان بالحد الادنى ، اردوغان اعتمد هذا المنهج لكن قبال ذلك هناك لديه عمل على الارض ورغم ذلك كان فوزه بالانتخابات الاخيرة بمعجزة كون الفارق قليل جدا بينه وبينه منافسه الاخر وهذا يعود الى فقدان الثقة قرابة نصف الشعب التركي بادائه ، ترمب كان هو الاخر شعبوي ويعتمد بشكل كبير في الاداء على الاعلام غير انه واجه مصير الفشل كونه لم يتمكن من انعاش الاقتصاد ومعالجة الركود الكبير في فترة كورونا
بالتالي نعتقد ان لا بأس بقراءة ما يكتب من قبل المسؤول في المنصات وغيرها لكن شريطة ان لا يقيد نجاحه بارضاء ما يكتب في تلك المنصات لان بعض منها هو ليس سوى ابتزاز حال كان هو ناجح وواثق من الاداء بحكم موقفه
ولا بأس بالمتابعة لامور تقع ضمن نطاق عمله او صلاحياته لكن ان يدرك ان موقعه اكبر من متابعة الامور بنفسه كون هناك دوائر ادنى من موقعه هي المعنية بمتابعة هذه الامور ويعمل على التوجيه بحل المشكلة من دون الغلو في كتابة البيانات ومقاطع الفيديو والنشر المكثف باعتبار ان المشكلة قد حلت ويعتقد انه حقق نصرا لا مثيل له في حل مشكلة فردية ، سرعان ما ستفتح الباب الى مشكلات مماثلة وتجعله في حرج وان لم تحل اي واحدة منها ستنال منه تلك المنصات نفسها وتعتبره شخص خال من المسؤولية والانسانية.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha