عمار محمد طيب العراقي ||
اختيار ممثلين للشعب أمانة، لا يصح الإساءة لها، أو التفريط بها، أو التجاوز عليها، وهذا هو فحوى القسم الذي يؤديه النائب المنتخَب،
العمل السياسي واحد من أشرف ميادين العمل الأنساني، وينطوي على تضحيات كبيرة ومخاطر اكبر، ينبغي أن يتحملها المنخرطين في هذا الميدان المعقد..
الميدان السياسي؛ يتطلب نوعا من الرجال والنساء، يضعون الوطن والمواطن بين طيات أضلاعهم، وفي حدقات عيونهم.
مع شديد الأسف فإنه وكما هو في كل مكان من العالم، يوجد من هو صالح؛ وقبالته يوجد الطالح, وفي أغلب الأحيان فإن الصالح تتم محاربته، حتى في داخل تنظيمه السياسي، من قبل الطالحين المفسدين, بهدف ازاحته ليخلو لهم الجو! ويحدث هذا في بيئتنا السياسية العراقية أيضا، ولكن على نطاق واسع.!
المشكلة لا تقتصر على ذلك, بل أن المشكلة الأكبر؛ هي ان الشخص الصالح، وبعض هؤلاء الصالحين من خيرة السياسيين، نالهم كثير من التشكيك والتسقيط، والمحاربة والشتم والإقصاء؛ من قبل المجتمع الشعبوي البسيط الذي يتبع سياسة توجيه التهم الجاهزة المطلقة للكل، "كلهم حرامية"ما يسبب له احباطا كبيرا, ويسبب له انعزالاً وشبه مقاطعة من أهله وبيئته المجتمعية، والنتيجة, هي مغادرة الجيدين والصالحين.. ما أدى ويؤدي؛ إلى تقلص عدد الصالحين في العمل السياسي.
وجهة النظر الشعبوية في تقييم السياسي, وما فيها من بساطة وانفعالية عاطفية طاغية, مع عدم تمحيص للمعلومات؛ كانت سببا رئيساً وكبيرا في إقصاء الصالحين؛ من أي عمل سياسي منتج، ولذلك بدت الصورة وكأن الغلبة للفاسدين المفسدين الفاشلين..بمرور الزمن, سيسيطر الفاسدين المفسدين؛ على أغلب ادوات ادارة الدولة, وقوى عود هؤلاء، وتحولوا الى ذئاب مفترسة،تسلب من المواطن حتى إمكانية النقد والتقييم, بل سيُقطع لسانه و"لسان الخلفوه"؛ إذا تكلم بسوء عن المفسدين والسيئين !!
قرأت في كتاب من الأثر القديم؛ أن عبد الله بن الزبير توصل إلى امرأة عبد الله بن عمر - وهى أخت المختار بن أبى عبيدة الثقفى - في أن تكلم زوجها عبد الله بن عمر أن يبايعه. فكلمته في ذلك، وذكرت صلاته وقيامه وصيامه، فقال لها: أما رأيت البغلات الشهب التى كنا نراها تحت معاوية بالحجر إذا قدم مكة؟ قالت: بلى، قال: فإياها يطلب ابن الزبير بصومه وصلاته!
كثير من السياسيين عندنا في العراق، وبعضهم في الإطار التنسيقي "ربعنا" الذين دفعناهم بتضحياتنا وبدمائنا، يطلبون (البغلات الشهب), وهذا واضح ولا يحتاج إلى دليل أو شاهد؛ لكن الذي يبعث على العجب (وما عشت اراك الدهر عجبًا)؛ هو أنهم على صنفين: صنف فاسد ويعرف أنه فاسد، لكن بالنهاية (محترم نفسه) و"خانس" لا يثرثر باسم النزاهة ولا ينظر بعنوان القيم والمبادئ، وصنف آخر فاسد؛ ولا يعترف أنه فاسد، فتراه (يشفط) مال الله ليلًا؛ ويتخم الآذان بمقولات نظافة اليد نهارًا، ويعتبر الدولة "مجهول مالك" يأخذ منها كما يشاء، وكيفما يشاء، ومتى ما شاء!!
الإطاريون مطالبون بمراجعة لمسيرتهم، وبتقييم أدائهم، والإيفاء بتعهداتهم لجماهيرهم، وإلا فإن شعب الوسط والجنوب ليسوا "قشامر"، ولا يرضون أن يبقوا محرومين الى الأبد، فيما ثرواتهم توزع بـ"الهبل" وبلا وجع قلب الى شركاء الوطن، هم ليسوا اوفياء لهذه الشراكة المقدسة..
شكرا..
٩/٥/٢٠٢٣