المقالات

من يجلي عمر البشير؟!

946 2023-04-26

 

حمزة مصطفى ||

 

   ملاحظة: بالتزامن مع نشر المقال اليوم بالزوراء هرب أبرز معاوني البشير من السجن بعد أن هرب السجانون. ظهر ذلك في شريط لأحمد هارون أحد مساعدي البشير. هارون اعتذر عن الخروج لا الهروب وقد ناشد القضاء ان يبرر خروجهم علما انهم مستعدون للعودة الى السجن في حال عاد السجانون. مفارقة لاتحصل الا في السودان هذه الأيام ...

بدأت الدول تجلي رعاياها من السودان, وبعضها تفكر بغلق سفاراتها. سويسرا التي هي بلا رعايا في السودان أغلقت سفارتها طبقا لقاعدة الدولة التي "تجيك منها ريح سد بابها وإستريح". بلاد لم تعد صالحة للعيش حتى لمدمني الإنقلابات من الجنرالات. قبل يومين إنتشر خبر يقول أن الرئيس السوداني السابق الجنرال هو الآخر عمر حسن البشير هرب من السجن. وكدلالة على رمزية الهروب من السجون هذه الأيام أظهروه بالفانيلة. لكن السؤال هو ليس كيف هرب البشير الذي كان سجنه محاطا بحماية مكثفة وأسلاك أكثر من شائكة خشية هروبه أيام كان الخوف في حال هربه سيعود الى القصر الجمهوري, بل أين يهرب؟ يعني "وين وين ينطي وجهه". التاريخ لايعيد نفسه في السودان حتى عبر مقولة كارل ماركس الشهيرة مرتين, مرة على شكل مأساة ومرة على شكل ملهاة. لاتنسجم مقولات ونظريات وتفلسفات ماركس على السودان. السودان خارج المادية الجدلية والتاريخ ولو كان ماركس حيا الى اليوم لكان إبتكر صيغة للتطورات والتحولات في السودان لأسمها "النمط الأفريقي" للخراب على غرار ماكان أسماه "النمط الأسيوي للإنتاج" حين بحث عن حل لشعوب وقارات لم تنسجم مع المادية الديالكتيكية.

لا أحد يعرف إن كان البشير في سجنه أم إنه خرج "لم يعد للهرب معنى". وإذا كان خرج من أخرجه في وقت يبحث الجميع عن مأوى بعد الخروج. لم تعد معادلة 1989 قائمة حين صمم المفكر السوداني الراحل حسن الترابي الإنقلاب عام ذاك ضد صهره الراحل هو الآخر الصادق المهدي ليستدعي الجنرال عمر البشير من الثكنة الى القصر. لم يكتف الترابي بذلك , بل أمر البشير أن يصدر أوامره كقائد للإنقلاب الى إرسال مؤلف ومنتج ومخرج ومصمم حتى ديكور الإنقلاب الترابي الى السجن. تبادل غريب للأدوار وللسلطة في بلد لايجيد سوى إنتاج الأحزاب الديمقراطية والجنرالات الذين يقودون الدبابات لإخراج رؤساء وزراء الديمقراطية الى السجون أو الموت. الأمر مع الجنرالين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو "حميدتي" يختلف. لم تعد المسألة تقاسم سلطة بدورين أحدهما دور الرئيس الإنتقالي "البرهان" والآخر دور السيد النائب الإنتقالي "حميدتي".

وصلا الى السلطة عندما أخرجا مسؤولهما العسكري السابق الجنرال عمر البشير الذي كان طرز كتفي البرهان وحميدتي بالنجوم وصدورهما بالنياشين لتبحث عنه المحكمة الجنائية الدولية بتهمة إرتكاب جرائم حرب. ملت الجنائية من البحث عنه بعد أن أدركت أن لا جديد لدى كل الجنرالات في إرتكاب الجرائم. تكفل الجنرالان البرهان وحميدتي في كل ما تلى     ذلك. الخراب الذي يعم السودان اليوم بات لا يعنيهما على الإطلاق. كلاهما يبحثان عن مجد لم يعد له وجود في بلاد بدأت دول الدنيا ترسل المزيد من الطائرات الى مناطقه الآمنة إن كانت بقيت فيه مناطق آمنة لتجلي رعاياه بعد أن أخذت نيران القتال العبثي تقترب من رعايا الدول الأخرى مثلما حصل للعراق حيث قتل أحد مواطنيه برصاص قناص سوداني لا أحد يعرف الى أي من جنود الجنرالين الاساوش ينتمي.

في السودان الباحث عن المجهول بشق الأنفس يضيع دم القتلى بين القناصين المنتشرين على حافات الدمار المتبادل. وإذا كانت مأساة السودان مفتوحة على إحتمال واحد بأوجه متعددة هي الخراب والتدمير والفشل المستمر فإن مأساة البشير تختلف عن كل مآسي السودانيين. ففيما كان يبحث عن أية وسيلة للهروب من السجن ليعود الى القصر محمولا على دبابة جاهزة للإنقضاض على القصر في أي وقت, فإنه اليوم يبحث عمن "يجليه" بعد أن تلاشى حلم القصر حتى لمن تقاسم عام 2021 الإقامة فيه.. الجنرال الرئيس والجنرال النائب فيما يتفق كلا الجنرالين على تشديد الحراسة على سجن .. الجنرال "النائم" في إحدى زنزاناته. لم تعد الزنزانة متر في مترين. إنفتحت على كل المصاريع. إستيقط الجنرال لا لكي يخرج بل لكي يطلب تشديد الحراسة لكن لم يعد أحد وسط الضجيج يسمع صرخاته. بإمكانك أن تخرج.. تفضل مع السلامة إن وجدت سلامة بعد اليوم.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك