مرتضى مجيد الزبيدي ||
تختلف الأيام وتتشابه المواقف والعبرة لمن يعتبر.
اغاثة اليوم وكرم الأمس، وسيل الدماء، وكمية التضحيات؛ ما هي إلا ترجمة واقعية وحقيقية لما في النفوس، لا يستطيع احد نكران ذلك ابدا.
حتى ناكري الجميل يتذكرون ذلك جيدا ويذكرونه، إلا مجهولي الأصل يعز عليهم ذكر المواقف الايجابية.
فعندما نقول ان الانسانية عندنا تسري في العروق كما تجري الدماء في الشرايين، يحسبها البعض مبالغة، ولكن المبالغة في الكرم والانسانية على ارض الواقع ابلغ من اي تعبير او كلام.
فقبل سنيات نتسابق للحرب في الأراضي السورية؛ لدفع الخطر عن بلادنا بشكل متفاني ومسبق، وسط استلقاء الاغلب وراحتهم في البيوت والاعمال اليومية، وذلك مؤكد من أهم حقوقهم وهو ما نريده ونسعى إليه، إلا أن وصف المرتزقة كان يلاحقنا من قبل الاعلام الاصفر وابواقه المأجورة، وراح بعض الجهلة يشكك في نوايا التضحيات التي بذلت دفاعا عن مرقد مقدس وعن نفوس بريئة، وعن بلد يهدده الخطر كل يوم، فبين انفجار وآخر اغتيال وتهديد؛ حتى سقطت محافظات عراقية عزيزة؛ فتبين للناس حجم الخطر المحدق بالبلاد والعباد، ولكن مدعي الانسانية، اصحاب الشعارات الزائفة لا يرفعون اصواتهم إلا في أيام الرخاء، وأيام الشدة لا وجود لأفعالهم ولا اقوالهم حتى.
الدماء العراقية التي سالت على الاراضي السورية بلا شك اينعت قوة مقاومة شجاعة تتصدى للخطر الملم بالعراق في اصعب الظروف وأقساها، ويشهد بذلك القاصي والداني.
وبعد المعارك الطاحنة والحروب الشرسة، والتضحيات الجسام احرزنا النصر بفخر، ولله المنة والحمد، والخلود للشهداء، والعزاء والفضل لعوائلهم الأبية...
وماذا بعد ذلك ؟
جهلة قومنا يتأثرون بالأبواق المأجورة وإعلامهم الاصفر الذي لم ولن يكف يوما عن الاحرار، فديدن الحر حريته وديدن الباطل التزييف والإشاعة، وما هي إلا فترة وجيزة لا تخلو الاخرى من الجهد والتضحيات، حتى اقيمت بطولة خليجي 25 على اراضينا العراقية ولبصرتنا الحبيبة الفخر بالاحتضان والضيافة، وليس جديدا ذلك؛ فمن يجود بنفسه لا يبخل بطعامه وضيافته، ولكن اي كرم!؟ واي ضيافة!؟ هي نفسها تلك الجنسيات التي كنا نعثر عليها في (جعب) المخربين والانتحارين، وذاتها التي ترسل مفخخاتها الى العراق، وتمول الارهابيين لتدميره، باستثناء البعض النادر، أتت تلك الجنسيات لتشجع منتخباتها، وما وجدت من العراقيين سوى المبالغة في الكرم والتفاني بالضيافة، و(حي الله من يانه، تعالياي) اي (حي الله من زارنا، تفضل، بلهجة أهل البصرة الفطرية الشعبية) حتى ادهشهم الاستقبال والكرم، واعترفوا بأنفسهم بذلك وتحدثوا عنه، وكان صورة رائعة تنظم الى اليوم الى المواقف التاريخية العراقية الاكثر جمالا وروعة في العالم، وذلك يشير الى مدى وعي العراقيين صراحة، فقد استطاعوا الفصل بين الحرب والسلم، والتمييز بين العدو وغيره، ويدل بشكل مؤكد على الانسانية عند العراقيين من بين الشعوب، اعلى بنسبة كبيرة من غير البلدان، خاصة تلك التي تدعي بإنسانيتها المزيفة والتي باتت معروفة بكذبها، فتعامل العراقيون مع ضيوفهم بأصول العروبة، ومباديء الإنسانية، متناسين آلمهم، كابتين على وجعهم والجروح، فقط للحفاظ على إنسانيتهم، واحتراما لإنسانية الضيوف، (وكل يعمل بأصله).
وأيضا ما هي إلا أيام سريعة، وضربت كوراث الطبيعة بعضا من الدول بالزلازل مخلفة اضرار مادية وخسائر بشرية، حتى هرع العراقيون بفزعتهم المعروفة، رغم ظرفهم الاقتصادي الصعب، الى مساعدة تلك الدول، غير مبالين لهمومهم وظروفهم، فالأولوية انقاذ الأرواح وإغاثة المنكوبين، في الوقت الذي وقفت أغلب الدول العربية وغيرها مكتوفة الأيدي، إلا يد العراقيين، كما هي قوية في الحرب تعبر الحدود بقوة لتغيث وتجبر الخواطر، وتكون بلسما للجراح بالأراضي التركية، وشعبها يشهد، والأراضي السورية التي شهدت لدماء وتضحيات العراقيين، تشهد هي وشعبها مجددا للوقفة المناسبة في الوقت المناسب.
وليبقى الاعلام الاصفر وأبواقه يضخون بأقوالهم للناس فلا يصدقهم الى الجهلة للأسف، ولكن العمل أهم من الكلام والانسانية افعال ومواقف، وليست شعارات فضفاضة، وفقاعات تجملها العدسات.
https://telegram.me/buratha