عمار محمد طيب العراقي ||
نواجه ازمة دائمة مستعصية؛ في قصة الخطاب السياسي المقنع، وراقنا هذا الخلل البنيوي طيلة العشرين سنة المنصرمة، وفي الأساس فإن سبب ذلك هو عدم القدرة على تشكل أغلبية حقيقية، او معارضة فاعلة، وذلك على الرغم من أننا جميعا نعي ضرورة هذا التشكل السياسي الديمقراطي الذي ندعي أننا نتحرك بموجبه..
السبب في ذلك هو اننا جميعا نريد أن نرى انفسنا في السلطة، ليس من اجل ان نبني عراقا جديدا صالحا للعيش في هذا الكوكب المضطرب، بل لأن بريق السلطة ومنافعها وأمتيازاتها، تغري حتى الحمار بأن يجد نفسه زعيما سياسيا، نظرا للثروة الهائلة التي تكون تحت يد من يتلحف بآهاب السلطة!
اليوم، وبعد عقدين من الزمن، ثمة حاجة ملحة لإعادة بناء تفكيرنا السياسي، ويبدو أن الوقت أكثر من مناسب للقيام بذلك، لظروف دولية أبتداءا، لأن العالم يريد ان يرى منطقتنا أكثر إستقرارا، لأنها من الممكن أن تصبح المصدر الوحيد لمصادر الطاقة، في ظل ألتهاب مناطق المحتاجين للطاقة، وإنشغالهم في صراعات كبرى، يمكن أن تأخذ العالم نحو حرب مدمرة.
هذا الإحتياج الى تغيير نمط التفكير السياسي، يتمثل بضرورة تشكيل تيار سياسي داخل الأغلبية، يكون نواة لما يمكن تسميته بالموالاة الناصحة، وينخرط فيها الذين لا تعجبهم إعادة تدوير الأساليب والأشخاص داخل الأغلبية، والتي نتج عنها غياب خطاب سياسي مقنع، وضعف في الأداء للأذرع السياسية والإعلامية للنظام القائم.
إننا بحاجة إلى خلق عنوان سياسي جديد، قادر على استقطاب الكثير من الداعمين الصادقين والجديين والإيجابيين، والذين لا يجدون أنفسهم في العناوين القائمة، وفي أساليبها التقليدية في ممارسة السياسة، والتي تعتمد بالأساس على الولاء الشخصي للزعماء السياسيين، وعلى المال السياسي القذر .
إننا بحاجة إلى عنوان سياسي يتأسس على ثلاث مرتكزات.
الأول : أن تكون لهذا العنوان السياسي؛ القدرة على تثمين المنجز وتقييمه، وتسويقه بصدق للرأي العام، ومما يؤسف له أننا نعاني ضعفا في هذا المجال، إما بسبب نقص في مصداقية معظم الذين يتصدرون الواجهة السياسية والإعلامية للنظام القائم، أو بسبب استخدام أساليب تقليدية، لم تعد قادرة اليوم على التأثير في اتجاهات الرأي العام.
الثاني: أن تكون له القدرة والشجاعة، في كشف ما يقع من خلل وما يُسجل من نواقص في الأداء الحكومي، ولا يهدف كشف ذلك لإظهار عجز هذا المسؤول أو ذاك، وإنما الهدف منه لفت الانتباه؛ إلى ما يقع من أخطاء من أجل تصحيحها.
الثالث: أن تكون لهذا العنوان السياسي الجديد، القدرة على تقديم المقترحات، وإطلاق المبادرات الإصلاحية، لتصحيح ما يقع من أخطاء، بالتعاون مع الجهات المعنية.
إننا بحاجة إلى حراك سياسي جديد، يعمل على خلق نواة لموالاة ناصحة، ستظهر الحاجة لها أكثر في الأيام القادمة، التي سنواجه فيها مشكلات كبرى، لأن الحلول التي تم تقديمها لحد الآن، تكتنفها النوايا الحسنة، ومعلوم أن النوايا وحدها لا يمكنها أن تصنع مستقبلا مطمئنا.
https://telegram.me/buratha