عبد الرحمن المالكي ||
عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، برز الاقتصاد الامريكي كقوة مهيمنة في الاقتصاد العالمي، وقد استعملت الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها بعد الحرب لخلق حلف دولي سياسي واقتصادي، وفق اساس مساعدة المانيا واليابان ودفع عجلة نمو الاقتصاد الاوربي، ولمواجهة اقتصاد الدول الاخرى لشرق ونوب اسيا من قبيل الاتحاد السوفيتي والصين، وبالفعل ازداد تطور الاقتصاد الاوربي بشكل ملحوظ، ولكن سرعان ما تحول الى مشكلة كبرى وتحدٍ بوجه الاقتصاد الامريكي، تمثل في تصدير دول شرق اسيا لبضائع رخيصة الثمن ورفيعة الجودة، وهذا الامر اخذ يهدد السوق الامريكي، ويخلق له العجز التجاري في ميزانه.
هذا التوسع الاقتصادي الخارجي، وَلدَ اثاراً سلبية على الاقتصاد الامريكي وكانت تلك الآثار ناجمة عن مشكلات اقتصادية تعود الى عقد التسعينات من القرن الماضي، حينما قامت الولايات المتحدة الامريكية باستخدام سوقها الداخلي الواسع لخدمة استراتيجيتها الاقتصادية، حيث قامت بتنزيل بضائعها لسوقها الداخلي دون تصديره، وكذلك لمناهضة الاقتصاد الاوربي والياباني وعدم دخوله للسوق الامريكي الداخلي، بهدف خلق نظام رأسمالي قوي ينصات له بقية اقتصاد الدول الاخرى.
تؤكد الشواهد والبيانات على عظم المشاكل التي تواجه الاقتصاد الامريكي، وان عصر الهيمنة الامريكية شارف على نهايته، وهو في سكرات موته وقرب آجله، فمن المعلوم ان الاقتصاد المنهار لا يمكن ان يكون معه قوة عسكرية او سياسة قوية، فأن القوة العسكرية والسياسية نابعة من القوة الاقتصادية.
ويتضح ذلك في سعي الادارات الامريكية، لإعطاء الأولوية لأنعاش الاقتصاد الامريكي حيث انها لن تستطيع ان تظل صلبة ومقاومة للمستجدات الدولية الا اذا بَنَت ارضية اقتصادية رصينة، وكلما ضعف الاقتصاد الامريكي، ضعفت سياسة النفوذ في العالم، وكذلك قابليتها على توجيه الاحداث وادارتها للصراع والازمات، بما يخدم مصالحها الحيوية ويحقق اهدافها الاستكبارية.
وعليه، اذا استمر تراجع الاقتصاد الامريكي من حيث انخفاض مساهمته في المؤشرات الاقتصادية العالمية، واستيعاب ازمة العجز فيه، فان الولايات المتحدة الامريكية، ستعجز عن حماية مصالحها بكل الاشكال.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha