المقالات

العروج الى الله . .!


قاسم سلمان العبودي ||

 

قيل في الأثر ، أن الدنيا جنة الكافر ، وسجن المؤمن . لذالك نرى إن الانطلاقة الحقيقية للأنسان المؤمن تكمن بمغادرة تلك الظلمة الموحشة التي رُسمت لدُنيا لم ينل منها الكثير من الناس سوى ما أُستعمل مجازاً لإبقائهم أحياء .

أن تقاطع الثوابت العقائدية بين الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، وبين ساسة بني العباس المستكبرين ، أضفت لمسة قاتمة على حياة الإمام الكاظم ، وعلى الأمة المتمسكة بنهج الإمام . فكان السجن الطريقة المثلى لحكام الجور ، بمنع التواصل بين الإمام والأمة الاسلامية .

أن معالجة الأنحراف السلطوي ، كانت من أولويات النضال الأسلامي للإمام الكاظم عليه السلام ، بإعادة الأمور الى نصابها الشرعي الذي تأثر كثيرًا بمتبنيات الدولة العباسية التي حرفت بوصلة الأمة بأتجاه غير أتجاهها الصحيح . لذا نرى نهضة الأئمة عليهم السلام جميعهم كانت تَصب في  تلك الامور الشرعية التي  أُنيطت لآل البيت عليهم السلام من قبل الله تعالى .

مقارعة الأستكبار العباسي تجسد جلياً واضحاً في سير وسلوك الإمام الكاظم ضد حكام بني العباس الذين أُسقطوا الحكومة الأموية بشعار المطالبة بحق بني هاشم في أدارة الأمة الاسلامية . لكن ذلك الشعار الزائف لم ينطلي على أهل البيت ، لعلمهم بان النوايا غير صادقة ، وأن الشعارات التي أُطلقت مجرد كذب وأفتراء .

أن قيادة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لخواص الأمة الاسلامية ، رغم محدودية المكان وضيق الزمان وقُصرهْ ، أغاضت حكام الجور ، وأستشعرت الخطر الداهم عليهم  . لقد كان جُل مبتغى الإمام هو الأستقامة للأمة الاسلامية ، بعد أن أُذهب المستكبرون تلك الاستقامة وأستبدلوها بأنحراف عظيم . أي أن السلطة العباسية بمغرياتها ، وبأبواقها الأعلامية وبكل ما تملك من أموال وأدوات ، وقفت عاجزة أمام البناء الذي أرسى قواعده موسى بن جعفر عليه السلام في الأمة التي كانت تعاني الضعف والهوان .

فضلاً عن ذلك ، كان الأمام يرسم خارطة طريق للأمة حتى تلتف حول المعصوم الذي يليه ، ليكمل المسيرة الإلهية التي خُطت من قِبل الله تعالى وعلى لسانِ ووصايا نبيهِ الأكرم . أذاً الأمر ليس خروج مظلوم على ظالمه فحسب ، وليس كما يروج الأعلام المضلل للناس بخروج الإمام ضد الحاكم لطلب الدنيا وزخرفها أطلاقاً . بكل كانت مسيرة تكاملية تُعهد من إمام لآخر في سبيل تحقيق هدف واحد ، هو العودة بالأمة الى الدائرة الألهية .

من يتصور أن الأستكبار الاموي والعباسي وما تلاه قد ذهب وولى فهو واهم جداً . ومن يتصور أن الأئمة عليهم السلام أنتهى أمرهم بأستشهادهم جميعاً ، وأن الأمر لصاحب الأمر  ، واهم أيضاً . فخط المستكبرين لا زال قائماً ، والأمة تُحرَّف يومياً عن مسارها الصحيح بأتجاه بوصلة الأستكبار . ولازال نهج الأئمة قائماً عليهم السلام أجمعين بهَدي الناس صوب الحق ومحورية القداسة الإلهية وذلك عبر المتبنيات العقائدية التي يتشرف فيها مراجع الأمة الاسلامية بقيادة محورها المقاوم ضد الأستكبار العالمي وأدواته البغيضة .

ونحن على أعتاب هذه الذكرى الأليمة ، يجب على الأمة أن تقرأ التأريخ الاسلامي وحياة الأئمة قراءة أخرى . يجب علينا أن نغادر الظلامة ، الى المنجز الأمامي الذي غاب عن الكثير منا ، وأهمه بل أقواه أن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لم يكن يشعر بالأنكسار النفسي ، كما يقال في مقالات المغرضون ، بل كان يتحرك في دائرة العصمة الأمامية التي شرعها الله له كبقية الأئمة سلام الله عليهم أجمعين ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها بأذنه تعالى .

 

25 رجب 1444 هجري

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك