سميرة الموسوي ||
لمناسبة إستشهاد الامام موسى بن جعفر عليه السلام .
الامام الكاظم عليه السلام قضى شطرا من حياته في سجون بني العباس وكانوا يخافون منه حتى وهو في السجن لسطوع وجوده حتى إعتقد هارون العباسي أنه سيرتاح إذا قتله، فتجرأ على الحق وأمر بتصفيته بالسم ، ومن هنا كان إستشهاد الامام الذي أخزى وجود الطواغيت وهو مقيد بين أربعة جدران ، وبنو العباس حرفوا مباديء الاسلام حتى وطّنوها في صميم البنية الاجتماعية والفقهية الاسلامية ،وطّنوها مزيفةً في فقهِ بعض مؤسسي المذاهب المعروفة ثم توارثها حكام التوريث والهيمنة وهيأوا لها مئات الآلاف من فقهاء السلطة ليغلقوا منافذ الفقه الاخرى وعلى مدى أجيال والى يومنا هذا حتى تحطمت بعض البوابات وتخلعت كما إنخلع باب خيبر على يد إمام المتقين عليه السلام .. تخلعت على يد أعظم ثورة شعبية في التاريخ الحديث بقيادة الامام الخميني وإستمرت الثورة هادرة حتى إخترقت الجدران العالمية وتحققت منجزات غيرت مجرى التاريخ السياسي بإتجاه المباديء الاسلامية الانسانية وحق المظلومين في الحياة الحرة الكريمة على يد السيد الخامنئي ومعه قيادات إسلامية هزت أسماؤها العروش فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .
فكما إنتصر الامام جعفر الصادق والد الامام موسى عليهما السلام بالتخطيط وجهاد التبيين إنتصر الامام الخميني بالاسلوب نفسه تماما وإستمر بالثورة من بعده السيد الخامنئي حيث أذل بقيادته قوى الاستكبار العالمي وحطم كل البوابات المحكمة الاغلاق منذ معاوية الاموي وهارون العباسي .
كان الامام يواجه كما واجه والده الامام جعفر الصادق لونين من الانحراف( إنحراف على الصعيد السياسي متمثلا بالجهاز الحاكم والدولة وإنحراف خطير في إتجاهات الامة وجهلها بواقع الرسالة ) ..
ولذلك وعى الامام المخاطرة الكبيرة بمستقبل أهل البيت والاحرار من مريديهم في العالم الاسلامي إذا عمل على المواجهة العسكرية وعندئذ قرر أن يقتفي ذات الطريق الذي رسمه أبيه الصادق فمضى يرعى القواعد الشعبية التي بناها أبيه والاشراف عليها وتنظيم أساليب عملها في مواجهتها الانحراف وجعلها كتلة متراصة لها أساليبها الخاصة في التنظيم ثم مضى يعمل بدأب على تحريك ضمير الامة الاسلامية وإرادتها وكانت أدواته في أعماله الناجحة هذه هو جهاد التبيين الذي يقوم بإسقاط التزييف والتحريف عن مباديء الاسلام الحقة ومقاومة إنحراف الحكام وإيغالهم في تشويه ضمائر المسلمين لكي يتخذوا كتاب الله مهجورا ويركنوا الى ما إبتدعه فقهاء السلاطين والحكام .
ومن أجل التاكيد على ترسيخ المباديء الاسلامية وجعلها طريقا للأحرار في كل مكان وزمان عمل الامام على التزام الصلابة في قول الحق تحت أي ظرف حتى قال متحديا ( لإن أسقط من شاهق فأتقطع قطعة قطعة أحبُّ إليّ من أن أتولى لهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم ) .. وهنا قطع الامام الطريق على أي متبجح يقول بأنه يمكنه ( التبسّطَ) مع الاعداء والعمل معهم مفترضا إمكانية الانتصار عليهم .. كلا فإن ( الشيطان الاكبر ) لا ذمة له ولا ضمير ولا أمان .. يقول الامام الكاظم في رسالة الى هارون العباسي بعثها له من سجنه ( .. أنه لن ينقضي عني يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء حتى نقضي جميعا الى يوم ليس له إنقضاء وهناك يخسر المبطلون ).
الامام الكاظم لم يكظم غيظه عن الاعداء وإنما جاهدهم بجهاد التبيين في تلك الظروف البالغة الدقة والتعقيد التي تشبه ظروف الامة الاسلامية اليوم ، فالامام يعرف أن هذا الجهاد يؤسس لقاعدة واسعة في السر والعلن ،فَكَتْمُ الغيظ عن الاخطاء شيء والتعبير عن المواقف تجاه قضايا الامة شيء آخر .
إن مسيرة حياة وإستشهاد الامام الكاظم وتواصلها مع مسيرة حياة وأستشهاد أبيه جعفر الصادق تضع للاحرار طريقا ممكنا من أجل التحرير ، فالكل الى فناء ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام .
.. ألم تر الى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به .
ألواح طينية، سميرة الموسوي ، جهاد التبيين،
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha