سميرة الموسوي ||
· لمناسبة ولادة الزهراء عليها السلام
الزهراء أم أبيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت ولم تزل ترسل الدروس التربوية الى العالم ،وكل درس رسالته بناء الانسان والمواطن من خلال الهندسة الاجتماعية التي تقوم على تلازم التربية بين المواطنة والانسانية.
قبل ان نبين نوعية العلاقة بين حياة الزهراء ومجتمعها بوصفه ( مجتمع مخاطر ) ،وكيف إستطاعت ان تنسق حياتها أماً لابيها،وزوجةً لإمام المتقين عليه السلام ، وأماً لسيدي شباب أهل الجنة ، ومثقفةً ،وخطيبةً شجاعة ما زالت خطبتها الفدكية تدوي في الآفاق ...) لا بد أن أن نوضح ماهية هذا المجتمع .
(مجتمع المخاطر العالمي ) ليس تعبيرا أدبيا لوصف المجتمع آنذاك وإنما هو علم يسمى ( علم إجتماع المخاطر العالمي ) ويقصد به كل ما من شأنه أن يؤثر سلبا على تحقيق الاهداف ، على البشر ، والممتلكات ، والمجتمع ..وهذا العلم نظّر له عالم الاجتماع الالماني ( أولريك بيك) وأصدر كتابا بعنوان ( مجتمع المخاطر العالمي : بحثا عن الامان المفقود ) عام ٢٠٠٦ وعلى الرغم من أن مجتمع المخاطر قديم جدا إلا إنه إرتبط بمجتمعات الحداثة وهو وليد ظروف مجتمعية مختلفة كثيرة ، ثم أسهمت ظاهرة العولمة وظواهر وستراتيجيات أخرى في تشكيل المخاطر الاجتماعية وتصديرها الى مجتمعات أخرى من قبل دول الاستكبار العالمي .
هذا المجتمع الذي تبلور في منتصف القرن الواحد والعشرين كان هو نفسه من حيث التحولات في حياة الصديقة عليها السلام ، وكما تم إستغلال الظروف آنذاك لإلحاق المظلومية بالمعصومين عليهم السلام ، يحدث اليوم إلحاق مظلومية عالمية دبرتها دول الاستكبار العالمي بالاسلام والمسلمين والشعوب الحرة بإستخدام العولمة ،والحرب الناعمة، و ستراتيجية الإلهاء ، ثم النسويّة ومجتمع الميم الذي سميناه في مقال سابق مجتمع ( اللوقيّة ) = ( مجتمع اللوطية،والسحاقية) بدلا من تسمية الهروب من العار (مجتمع الميم) .
لمقابلة تحولات المجتمع آنذاك ومجتمع المخاطر العالمي اليوم يمكن أن نعود الى عصر صدر الاسلام والمعارك التي خاضها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومعه صفيّه إمام المتقين عليه السلام ثم وفاة النبي وما حصل في السقيفة ،وحتى وفاة الصدّيقة عليها السلام سنجد أن المقارنة قريبة المضامين بين المجتمعين في المخاطر وقد تكون مخاطر ذلك الوقت أشد إيلاما على النفس الابية وذلك لقلة الخيارات على على الانسان .
من هذه المقاربة بين العصرين سنكتشف أي جهد جبار بذلته الصدّيقة التقية .
في ظل مجتمع المخاطر إبان عصر صدر الاسلام وُلدت أم أبيها يوم الجمعة ٢٠ جمادي الآخرة في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية أو في السنة الخامسة قبل البعثة النبوية في مكة ،وتوالت المخاطر أكثر حتى يوم التحاقها بالرفيق الاعلى ،فكيف إستطاعت تلك السيدة والاعباء المحيطة بها أن تربي الحسن والحسين وتدير شؤون الاسرة وترتقي بثقافتها التربوية والادبية ،وغير ذلك مما ينتج عنه كل هذا السمو في الدنيا والاخرة .
من المؤكد أن الله العلي القدير قد وهب الزهراء عليها السلام مواهب كتب عنها العلماء والكتاب ولكن قيامها بالتغلب على مجتمع المخاطر يحتاج الى وقفة لعلماء التربية والاجتماع لتنظير الخصائص التربوية لهذه السيدة المباركة
فإن تم التنظير علينا أن نرسي المضامين في مجمل العملية التربوية لجيلنا الحالي وهو في مجتمع المخاطر العالمي بعد أن ندرس بعمق وجدية هذا المجتمع وكيف تم إستغلاله في الحرب الناعمة ومتطلبات العولمة وغير ذلك من أساليب أدت الى رفع يد الاسرة والمجتمع من إحتضان المرأة ووضعها على الطريق الاصوب الذي يحفظ كرامتها وذريتها .
من الجدير بالذكر أن أيران الاسلامية وقياداتها ومرشدها السيد الخامنئي وهم يقودون المجتمع بإحتفاليات عالية الدلاله في ذكرى وفاة ومولد الزهراء عليها السلام إنما يؤكدون وبمبدئية إسلامية علويّة أنهم وعوا دروس أم أبيها وإنهم على نهجها التربوي سائرون .
... إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ...
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha