قاسم آل ماضي ||
منذ أن ظهرت وسائل الإعلام بطابعها المعاصر ورجالها في صراع مع رجال السياسة، حتى وإن كان رجال الإعلام في أحيان كثيرة رجال سياسة، ويعود التنافر بين الفاعلين في المجالين إلى التداخل بين مجاليهما، وهو التداخل الذي قد يتحول إلى تجاذب، وصراع في بعض الأحيان.
وعلى المستوى المحلي فإن التجربة لم تختلف كثيرا؛ فقد ظل الإطار الحاكم للعلاقة بين الإعلاميين والسياسيين، في الغالب، هو التوتر، المشوب بشيء من عدم الثقة المتبادل.
يمكن أن يقال إن وسائل الإعلام الحكومية ومن يديرونها في البلدان النامية، التي منها بلدنا، ظلت تابعة للسياسة، أو السياسيين، وفي اعتقادي أن هذه الملاحظة مع دقتها لا تكذب القاعدة العامة، وذلك للأمرين التاليين:
الأول : أن من يديرون هذه المؤسسات لم يكونوا إعلاميين، ولم يدخلوها بهذه الصفة غالبا، وإنما هم سياسيون وصلوا إلى إدارة هذه المؤسسات بصفتهم سياسيين لتنفيذ برنامج سياسي معين.
الثاني : أن الإعلاميين في هذه المؤسسات بقيت لديهم دائما تحفظاتهم على التسييس المفرط للمنتوج الإعلامي، وكنا نجد أنفسنا في كل مرة أمام تعبير يكسر الصمت العام الذي يحيط بهذه الممارسة. كما أن هذه المؤسسات، بما فيها الإداريون السياسيون كانوا ينتهزون فرصة كل متنفس من الحرية للعودة إلى جذور الممارسة الصحفية، وأحيانا بسقوف عالية جدا.
ثمة قاعدة مهمة تحكم العلاقة بين الإعلام والسياسة، وهي (لا سياسة بدون إعلام)، إن هذه القاعدة هامة للغاية لفهم طبيعة العلاقة بين السياسي والإعلامي؛ فالسياسة في أحد أبعادها المهمة هي خطاب موجه للجمهور، ولا يمكن بطبيعة الحال مخاطبة الجمهور عبر الاتصال الفردي، مهما كان اتساع وقت السياسي، وحجم انتشار أتباعه، وحملة رسالته. لذا يكون من الضروري استخدام الأداة الإعلامية، التقليدية والحديثة، للتواصل مع الجمهور، وإيصال الخطاب إليه، سواء كان على شكل ترويج لمشروع، كما يقع في الحملات الانتخابية، أو كان على شكل شرح سياسات ومواقف، أو الدفاع عن إجراءات كما يكون في الظروف العادية.
هكذا يمكن القول ؛ إنه لا إعلام بلا سياسة؛ فالعمل السياسي هو المادة الأولى للصحافة بمختلف توجهاتها، وذلك بسبب التأثير المباشر، والدور الذي تلعبه السياسة في حياة الجمهور. كما أن دور الصحافة الرقابي لا يمكن تصوره دون وجود عملية سياسية.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha