المقالات

المكون الأفقر..!

1365 2023-01-06

واثق الجابري ||

 

من الطبيعي جداً أننا وزعنا الفقر  بين المحافظات والمكونات، فيكون العدد الأكبر في المكون الأكبر والمحافظات الأكثر سكاناً، إلاّ أن ليس من الطبيعي  أن يتركز الفقر في محافظات بعينها، وينخفض في أخرى؛ محافظة فقرها 52‎%‎  وغيرها 8‎%‎ ؟!

 لا تحتاج بحثاً كثيراً  عن أين يكمن الفقر في العراق، ولا المدن التي يستوطن فيها؛  بل يكفيك  تطلعاً بسيطاً بأولئك  الباعة المتجولين في تقاطعات الشوارع، وسائقي "التكتك"  والحمالين في الأسواق  وبائعي الأرصفة  والباحثات في القمامة والعاملات في معامل الطابوق، أو ترى بائعات  الهوى يتباهين بسعر حذاء، أو يتجاوزن على القانون بسياراتهن الفارهة دون رادع وخلافاً للقانون والقيم والأخلاق، أو تعرف  الفساد الإداري  وغياب التخطيط، ومجتمع يمثل على كل 100 ألف  شخص أوكله بالنيابة عنه.

تجذر الفقر في العراق لعقود طويلة، ولا يرتبط  بالدخل فحسب، بل بالتعليم والصحة والسكن والخدمات، وينعكس سلباً على من يقعون تحت خطه، والمجتمع الذي يعيش حولهم، ومن ثم على الدولة بصورة عامة، بفقدان خدمات أساسية وحقوق كفلها الدستور ، لتتعدى الفقر الى الظلم المباشر وغير المباشر ، وخيبة أمل  كبيرة تفقد الإنسان إنسانيته، عندما يشعر أن الدولة لا تتعامل معه كإنسان!

ثمة مؤشرات  للفقر في العراق، إلاّ ان الارقام لا تبدو حقيقية، بين تقديرات ومبالغات ومغالاة وهروب من واقع، ولا تتناسب مع الاحتياجات اليومية للفرد والعائلة، سواء مع الغلاء المحلي والعالمي، أو الاحتياجات التي  ولّدها نقص الخدمات كالإنفاق على الكهرباء والتعليم والصحة وخدمات الاتصالات والسكن،  أو طبيعة البيئة الخالية من فرص العمل والتي تختلف من مدينة الى أخرى، وتراجع  الخدمات أضاف  إنفاقات على الفرد في  التنقل  وشراء الخدمة بأثمان باهضة، وكل العوامل تجعل من هذه البيئة غير متعلمة وغير صحيحة لا تستطيع أن تنتج، وإن انتجت فبأقل  أو جزء كبير منه سيذهب  لإنقاقات التنقل  والسكن بعيدًا عن العائلة.

إن القضايا التي طرأت على الواقع العراقي، وحجم ضحايا الحروب، كلف مناطق كثيرة  خسائر من شهداء وجرحى، وهؤلاء إما أيتام  قاصرون عن العمل براتب زهيد، أو جرحى  ومعاقون لا يكفي راتبهم التقاعدي لشراء الدواء وحاجة الرعاية الصحية، وهكذا اختلف الفقر من محافظة الى أخرى، ومن مدينة داخل المحافظة لغيرها، ووصل الفقر الى نحو 25‎%‎ من السكان  وتقدر اعدادهم 11 مليون عراقي، قرابة 3 ملايين يتلقون منحًا شهرية، من بين 9 ملايين يستحقون المساعدة، والحكومات لا تستطيع استيعاب الاعداد، وما يمنح لا يتناسب مع ما يمنحون، وتصدرت السماوة  بنسبة فقر 52‎%‎  ثم الديوانية 49‎%‎  ثم الناصرية 44‎%‎ وبعدها ميسان وبابل.

طبيعي جداً  أن ينال ويفقد المكون الأكبر، أكبر الحصص سواء  في حجم التنمية المجتمعية، أو مخلفات الظروف وإنعكاساتها على واقع الفقر،  لكن ليس من الطبيعي أن يتفوق بالفقر والمعاناة، ويتراجع مستوى تقديم الخدمات  والتنمية، في حين  أن حصصه السياسية والتنفيذية والتشريعية  كبيرة تتناسب مع حجمهم داخل البلد، ولكن كما يبدو  أن غياب التخطيط والفساد  قد نال قدر أكبر، فأخذ من مساحة التنمية والخدمات  ورفع الواقع الإقتصادي،  الى  تقصير أدى الى فقر لا يتناسب مع عدد السكان والامكانيات البشرية والطبيعية، ولا حتى حجم التضحيات التي قدمت للحفاظ على النظام  السياسي.

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك