واثق الجابري ||
لم تكن عابرة كلمة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، قبل 50 يومًا، بل جاءت انفعالية بعد زيارة مفاجئة الى مستشفى الكاظمية التعليمي فقال: " الله لا يوفقني"!
استُقطعت الكلمة كالعادة، دون مقدماتها اللفظية والفعلية، وصارت محل تداول، لكنها نابعة من واقع واطّلاع ميداني، وقال بالحرف الواحد: " حتى الصاحي هنا يموت، الله لا يوفقني على هذه الخدمة"، ووضع نفسه مسؤولًا مباشرًا عن أيّ تقصير ممكن أن يحدث في مؤسسات الدولة، كحال مَنْ يشعر أنه مسؤول عن الرعية كلها، ودوره الوظيفي، لا يسمح أن تلطخ صفحته البيضاء بتقصير غيره.
جاء كلام السوداني تعبيراً عن واقع مرير لا يتوقف عند القطاع الصحي الذي وضعه ضمن أولوياته، ورأى أن الحلول لا تأتي من خلال تقارير وإنجازات وهمية ينقلها المسؤولون، ولو صدقت ،لكان العراق أفضل بلد في العالم، من حيث الخدمة وشرف المهنة والتفاني، الذي نسمع بعض المسؤولين يقولون إنهم ينفقون من جيوبهم الخاصة، ويأخذون البريد الى البيت بعد الدوام، على حساب راحتهم وعوائلهم، وكل فكرهم مع العمل على مدار الساعة.
لم نسمعها سابقاً أن مسؤولًا يدعو على نفسه، وإن بعضهم يظن أنه متفضل على الشعب بواجبه، ورغم ذلك تناولتها مواقع التواصل الاجتماعي، وعامة الناس مقارنين ذلك بعبارة "ألو عماد"، لأنهم لا يثقون بالطبقة السياسية، والسوداني ليس بعيدًا عنها، لكن ما حدث خلال 50يومًا، مختلف تماماً، و أولئك الذين سخروا من السوداني، لا تجد لهم صوتاً أو حرفاً بعد إكمال مستشفى الكاظمية بفترة وجيزة، ويدعو للتساؤل هل إنجاز المشاريع يحتاج الى اصطدام رئيس الوزراء بواقعها، وهل تحتاج الى صرامة الإجراءات ، دون شعور الأعلى والأدنى بالمسؤولية؟!
إن الاجراءات الحكومية يعرقلها كتابنا وكتابكم، والروتين والمزاج وفوق كل ذلك الفساد واللاوطنية وعدم الشعور بمسؤولية آلام المواطن، وانعكاسها على واقعه المعيشي والاجتماعي، ولانريد القرارات تأتي انفعالية، أو ردة فعل لصدمة حجم الكوارث التنفيذية، أو ننتظر رئيس الحكومة يلتقي بالناس كي يسمع واقعهم، بل فعل المسؤول مفترض أن يكون مرآة ما في قلب المواطن قبل لسانه.
خطوة استثنائية فعلها السوداني في مستشفى الكاظمية، لذا نقول: "وفق الله السوداني"، إلاّ أن هذه العبارة ستفسر كما حال غيرها، فمنهم من يظنون أنها دعاء له بالتوفيق، وآخرون يعتقدون متيقّنين أن الله وفقه، وثالث يعتقدها أنها كلمة شكر وثناء على ما قام به، اذًا لندع عمله يتكلم ولا نعير أهمية للتأويل ، ونقول: " وفق الله السوداني".
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha