د. عطور الموسوي ||
على الرغم من أنها ما شاركت في واقعة الطف ولم تعش واقع مآسيها المتعددة الأبعاد، الا أنها حاضرة في تفاصيل تاريخ تلك الواقعة التي تجلت فيها خسة ودناءة أناس ادعوا أنهم مسلمون.
نعم هي تاخذ حيزا في كل مراثي ومجالس التعزية، وليس هذا كثير عليها وهي التي جادت بأربعة من فلذات كبدها في يوم واحد، ولم تكن راضية صابرة فحسب وإنما كانت تخشى أن لا يستشهدوا بين يدي إمام زمانهم ويخيبونها!
اي امرأة تلك التي لا ترج حياة لأولادها ولا سلامة دون أخ لهم غير شقيق!؟ ومن هنا سأبدأ بالحديث عنها وهي امرأة ليست معصومة كأهل البيت عليهم السلام، وانما ذات فطرة سليمة وعندما دخلت بيت علي قد قررت أن لا تكون زوجة أب لأيتام الزهراء عليها السلام، وإنما ام لهم بالمعنى الحرفي للأمومة ومطيعة لإمام زمانها أمير المؤمنين وولديه من أهل الكساء يقينا قد رسخ في قلبها المفعم بالايمان .
وفي عالما الزاخر بعلامات التفكك الاسري وحقد البعض على البعض نحتاجها رضوان الله عليها قدوة في هذا المفصل بالتحديد، ولكن أنى لامرأة منا أن تحمل بعض صفاتها وهي التي ما غير أبناؤها الاربعة من عنايتها لأبناء الزهراء ولم تعطهم أولوية عليهم طيلة عمرها، وهم صغار كانت تعلم مولانا العباس أن لا ينادي أخويه الحسن والحسين الا بعبارة سيدي، ويروي المؤرخون ان مولانا العباس مانطق كلمة اخي الحسين الا عند استشهاده وهو مجدلا عند شاطئ الفرات فاقدا نور عينيه أحدهما بسهم مثلث وأخرى إثر حجر شج جبهته وأدمى عينه...
أي وعي وبصيرة تحمل هذه المرأة المثال عندما تبعد عنها نزغ الشيطان ووساوسه التي حرفت نساءا بسبب غريزة الغيرة ورذيلة الحسد، وكم يتيم تلظى ألما وتعذيبا من زوج ابيه بسبب هذه الأحاسيس الشيطانية التي رضخت لها زوجات الآباء وصارت سنة تستن بها اغلبهن وليدفع ثمنها أيتام بعمر الزهور، وليمتلؤا عقدا نفسية فضلا عن فقدان حياة العديد منهم وبأبشع طرق الموت؟ غاضات الطرف عن قوله تعالى: واما اليتيم فلاتقهر..
وفي ذكرى وفاتها نضع خطوطا على منارات خلقها الكريم نذًكر بصفاتها ونستذكرها لنستلهم منها التربية الصحيحة والوفاء بالعهد وصفاء النفس من درن الأحقاد والايمان المطلق بالله ورسوله وأهل بيت الرسول بطريقة ربما ما كانت عند بعض أقارب آل البيت .
وونناديها باخلاص وهي في عليائها رضوان الله عليها: ألهمينا أيتها المرأة المثال أن نقتدي بك ونسير على خطاك ونحن اللواتي قد ادعينا أننا ممن يرجو المودة في القربى حزنا وفرحا وعقيدة ارتضعناها من امهاتنا وعلمناها أبناءنا فخذي بايدينا أيتها الأصيلة .
الخميس 11 جمادى الآخرة 1444
5/12/2023
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha