سميرة الموسوي ||
إستشهاد الزهراء عليها السلام ،وهي مدرسة في الهندسة الاجتماعية لبناء الانسان والمواطن وبكل ما تنطوي عليه هذه الهندسة من مفاهيم ولا سيما في بناء مواطن لا ينتمي بمبدئية خالصة لوطنه فحسب وإنما ينتمي اولا لإنسانيته ،مواطنته؛ تقع في إطار إنسانيته ... إستشهاد الزهراء ينبغي أن يكون الاحتفال بذكراه مثابة إنطلاق لدراسة الواقع الاجتماعي والثقافي لمعرفة مدى ما تمخضت عنه إحتفالاتنا بذكرى مولد او إستشهاد رموزنا من حيث ترسّخ مضامين علمهم وسلوكهم في صميم البنية الاجتماعية ومن كل الرموز العظيمة ومنها رمز الصدّيقة الزهراء من المولد الى الاستشهاد .
الاحتفال بذكرى حياة أو إستشهاد رمز ليس مجرد دبج كلمات وجمل _ وهي صادقة ومخلصة _ عن حياة الرمز وأنما بما ترسخ في الفكر والسلوك اليومي الاجتماعي والانساني من فكر وسلوك الرمز ،وقد كُتب عن الصدّيقة عليها السلام ما تستحقه ومنذ إستشهادها والى يومنا هذا ،ولكن لم نر إستطلاعا من إستطلاعات الرأي العام يمكّننا من معرفة نسبة أنعكاس ( أم أبيها ) في سلوكها التربوي _على الفرد، الأُسرة، المجتمع__ وكيفية تعزيز السلوك التربوي الفاطمي المتميز سنويا من خلال الخطاب التربوي المتجدد والمستوعب للمناهج التربوية ،ليس على مستوى التربية الرسمية في المؤسسات التعليمية فهذا الاسلوب لم يعد متاحا لأسباب سياسية ولكن يمكن إتاحته وبسهولة من خلال منظمات مجتمع مدني تقدم الرمز التربوي الفاطمي للمواطن لكي يكون له العون في التربية الاسرية وفي السلوك الاجتماعي العام .
هذا من جانب المأمول ولكن الواقع في إستذكار الرموز يصيب بالخيبة لانه يمر سنويا او في مناسبات محددة بطريقة إسقاط الفرض أما الاستطلاع الذي توخيناه فلم نسمع بإجرائه وكذلك منظمات المجتمع المدني التي تحافظ على وجود الرموز في صُلب السلوك الانساني ،وهذا كله يجري في إطار من طوفان الكتب الاسلامية _ شيعة،وسنة،وغيرها من المذاهب _ حتى بات المسلم في حيرة من أمره إذا حاول أن يقرأ فيما هو محاصر من الكثير من،( رجال الدين ) الذين يقدمون الدين من على المنابر وقد إختاروا ( روايات ) تخلط بين الرموز والشخصيات الاخرى ومن عمق التاريخ الاسلامي الذي يغص بكتب يتعذر الخروج بالمعتمد عليه .
أمام المسلم ستة كتب رئيسة يستند اليها السنة وتسمى كتب الصحاح وهي : صحيح البخاري، صحيح مسلم ، سنن أبي داوود، سنن إبن ماجة ، سنن الترمذي .سنن النسائي .وفضلا عن هذه الكتب هناك كتب أئمة الفقه الاربعة أو التسعة وهناك حول هذه الكتب آلاف الكتب الشارحة أو الناقدة وغيرها .وهناك أربعة كتب رئيسة للشيعة هي : الكافي للشيخ الكليني ،تهذيب الاحكام للطوسي ، الاستبصار فيما إختلف من الاخبار للطوسي ، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ، وفي وحول هذه الكتب الآلاف منها الشارح والناقد ، وثمة كتب تفسير القرآن الكريم قديمة وحديثة وبمجلدات كثيرة يتعذر حصرها .
أزاء ذلك كله نقول أن ما في وجداننا عن الانسان المسلم ولا سيما الجيل الجديد يدعو لوقفة تأمل وتدبّر ،إذ يفتقد المسلم ؛ الشيعي ، والسني أو من هو على أي مذهب آخر الى كتاب موحد يغنيه عن حيرته وهو في ذلك الطوفان ،يعرف فيه دينه أو مذهبه تعتمد موضوعاتها على الرصين من الروايات ، وتكتب بإسلوب ولغة معاصرة قريبة من لغة كتب المدارس .وفضلا عن ذلك يتم إصدار كتب للتعريف بالرموز الدينية والدروس المتوخاة من سلوكها وكيفية إتباعها داخل الاسرة . وتناط مهمة إيصال مضامين هذه الكتب الى منظمات مجتمع مدني مسؤولة ، وإلا فأين ( أم أبيها ) ،وبضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السلوك الفردي والاسري والاجتماعي ، وكيف نجد من أنجبت الحسن والحسين وزينب الكبرى عليهم السلام ،وماذا تعني تربويا زوجة إمام المتقين عليه السلام ... نشاطنا الاحتفالي السنوي بمناسبة ولادة او إستشهاد رموزنا ينبغي أن يأخذ مداه أولا على سلوك المسؤولين وكما نراه متجسدا في منظومة الحكم الايراني وفي نظر وسلوك السيد الخامنئي وفي البناء الوطني والانساني في الوجدان الاجتماعي للجمهورية الاسلامية ... فلا تأخذ البعض العزة بالاثم .
... أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين .