المقالات

مؤتمر جيران العراق بلا مكياج

1474 2022-12-20

حافظ ال بشارة ||

 

العراق هو البلد الوحيد الذي لا يمكن ان نتخيل وجود جيران حقيقيين له ، يقال هذا بمناسبة بدء تحضيرات انعقاد ما يسمى بمؤتمر دول الجوار العراقي في الاردن غدا ، والمعروف ان الدول حين تلتقي في مؤتمر اقليمي فانها تلتقي من اجل تأسيس او تطوير منظومة مصالح ستراتيجية ، ولا يرغب اي بلد ان يحضر مؤتمر شراكات ستراتيجية الا اذا كان متأكدا من كونه سيحقق اهدافه في المؤتمر ، والدولة التي لها اهداف هي الدولة الحقيقية المستقلة ذات الشخصية الحقيقية ، فهل العراق دولة تنطبق عليها هذه الصفات ، الا ينظر كل من الشيعي والسني والكردي الى هذه المؤتمرات بعين مختلفة ؟ الا يعني ان العراق ليس لديه عين واحدة ؟ هذا من ناحية العراق اما من ناحية الدول التي ستحضر فاننا نعرف ان للعراق ستة جيران واغلبهم له وضعه الخاص الذي يجعله لا يستحق ان تطلق عليه اسم دولة ، ولا اسم جارة ، فكل من الاردن والسعودية والكويت ليست دولا بالمعنى المنطقي انها اقطاعيات تابعة لاميركا واسرائيل ولا تمتلك حرية القرار ، هي ابار نفط ، وحقائب مال ، وقواعد عسكرية ، وملاهي لرجال الاعمال الغربيين ، وشبكات التجسس ، ونظامها وراثي وهي معاقل قمع وطبقية ، اما سوريا فهي ساحة معركة بين الدول الكبرى واغلب الحاضرين اعداؤها ولم يدعها احد الى المؤتمر ، اما تركيا فهي سلطنة عثمانية تحتل اراضيَ عراقية ولديها فيها عشرات القواعد وتقاتل الشعب العراقي ارضا وجوا بشكل يومي ، وتقطع الماء عنه ، وترسل اليه قطعان الدواعش متى تشاء ، اما ايران فانها الدولة المستقلة الوحيدة التي تنطلق من مصالحها المشروعة وتسعى الى ان تنتشل العراق ليكون مثلها فترسم خارطة المصالح المشتركة معه بتوازن وحماس مشترك ، وبملاحظة الدول التي ستشارك في المؤتمر ، هناك ظاهرة محيرة لماذا هذه (الفزعة) الاقليمية والدولية الحاشدة ؟ لماذا كل دول مجلس التعاون الخليجي تحضر ، ولماذا مصر ، ولماذا اميركا وبريطانيا والاتحاد الاوربي والامم المتحدة وآخرين وربما حتى اسرائيل بعناوين اخرى ؟ حضور منظومة التطبيع مع اسرائيل تدل بوضوح ان اسرائيل هي الطرف الاقوى في هذا المؤتمر ! المؤتمر مقسم بين مراكز نفوذ اقليمية والعراق فيه فريسة وليس فارسا :

 ⁃ الدول الحاضنة لداعش والممولة له والتي تغذي الحرب الطائفية ومشروع تقسيم العراق ، وهي ايضا المطبعة مع اسرائيل ، ولم يتغير سلوكها ، فهي دول عدوة حتى هذه اللحظة !

 ⁃ اميركا الدولة المحتلة للعراق وبيدها حياته الاقتصادية والسياسية والأمنية ومنظومتها المساندة لها كبريطانيا وفرنسا والامم المتحدة.

 ⁃ تركيا التي تحلم باحتلال شمال العراق وضمه الى اراضيها وقد بدأت خطواتها بهذا الاتجاه.

اذن وسط هذه الحقائق لماذا يعقد المؤتمر وما هي اهدافه ؟ اصحاب القرار في هذا المؤتمر حسب التصنيف اعلاه هم اميركا واسرائيل وبريطانيا والبقية غطاء ، العراق الذي يوصف بأن المؤتمر يعقد لاجله ليس صاحب قرار فيه ، والمؤتمر يعقد ضده ! ومنظومة الاحتلال والتطبيع والمطامع هي صاحبة الدعوة ، بل جاهر اعلامهم قديما وحديثا بان الهدف هو اعادة العراق الى الحضن العربي ، وابعاده عن ايران ، اي ابعاده عن جاره الاكثر فائدة واحتراما له ، الجار الوحيد الذي لا يريد تمزيق العراق ولا احتلاله ولا تدميره ، بل كان حاضرا لانقاذه امنيا واقتصاديا ، اما الحضن العربي فمعناه الحضن الاسرائيلي ، او حضن الابراهيمية الجديدة التي تريد صهينة المنطقة والغاء الاسلام ، انها حاضنة وليس حضنا ، لأن العرب كأمة او كدول لا وجود لهم حاليا انهم اقطاعيات صهيوامريكية ، هذا هو الواقع ، الذي يظهر بعد ازاحة الستار الاعلامي الدعائي البراق الذي يستر بشاعة المؤتمر ، هذا المؤتمر سبقته مؤتمرات اخرى وكان العراق بعد كل مؤتمر يغطس اكثر في مستنقع الضعف والتراجع والفتن والفقر والفوضى وسرقة الثروات ، وتقوية النزعات الانفصالية عند الكرد والسنة ، وتحول السفارات الى مراكز قرار اقوى تمسك بعنق البلد المستباح .

هذا المؤتمر اخطر من المؤتمرات السابقة لانه ضم اضافة الى الاهداف السابقة هدفا يتعلق بتوازنات الحرب الروسية الاوكرانية ، فايران يجب اضعافها اكثر لانها ركن في التحالف القطبي الاسيوي الجديد الذي يهدد نفوذ اميركا واسرائيل ولا بد من ابعاد العراق عنها اكثر فأكثر ، واستخدام اراضيه كقواعد لمحاربة ايران انطلاقا من شماله وتغذية عوامل الفوضى والحصار عليها ، وكذلك ربما هي محاولة او خطة باء من الامريكيين وحلفاءهم لانجاح مافشل فيه بايدن عندما اراد فتح انابيب الطاقة من الشرق الاوسط ليستغني عن الطاقة الروسية ، وهذا اهون ما في المؤتمر من شر متوقع ، العراق في هذا المؤتمر ربما بلا اجندة لانه مدعو وليس داعيا ، سنقرأ نصا انشائيا يتكرر في كل مؤتمر من هذا النوع ، لكن هناك نقطة تفاؤل واحدة وهي ان يخرج العراق من هذا المؤتمر باقل الخسائر ، نعول على رئيس الوزراء وفريقه وقدرته على ادارة الملف بذكاء ، والافضل ان نخرج بحبر على ورق دون ان يتأثر برنامج حكومته الطموح وهو يسير بالعراق الى افق اكثر تفاؤلا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك