ازھار ال عبد الرسول ||
رجال لا تلھیھم تجارة ولا بیع عن ذكر الله.
الواحدة صباحا في الثالث من ینایر/ كانون الثاني سنة ٢٠٢٠، في ھذا الوقت المشؤوم، حیث قصفت طواغیت العصر من طائرات مسیرة أمریكیة - أسرائلیة تجوب سماء مطار بغداد بعدة صواریخ، موكب الحاج قاسم سلیماني وأبو مھدي المھندس وعدد من رفاقھم، فأُزھقت أرواحھم وتمزقت أبدانھم ، ولم یسلم منھا سوى كف الحاج سلیماني، لیذكرنا بكفوف قد بُترت في ملحمة الطف. وأمتزجت دماءھم الشریفة - عراقیة - أیرانیة لتبعث رسالة لنا
ولكل الشعوب الحرة، بان العقیدة الأسلامیة ھي الھویة الحقة التي توحدھا، ولیست الوطنیة والقومیة لقوله تعالى: (إنما المؤمنون أخوة). وتناثرت أشلاء أجسادھم النبیلة، كأنھا أوراق زھر مخلوطة بقطع حلوى تُنثر في یوم زفاف عروسین، لتحكي للأجیال القادمة ملحمة من ملاحم البطولة والفداء على أرض إرتوت من دماء الشھداء وما زالت عطشى.
سیدي سلیماني سیدي جمال لقد توحدتم وتمیزتم بدایة ونھایة، فتمنیتم وطلبتم من الله (الشھادة) فحقق الله عز وجل لكم ذلك، لیجعلھا ُحسن الختام بعد مسیرة إتسمت بالنضال والجھاد، فزھدتم بالراحة والقعود مع عوائلكم، وأرتضیتم بالھیجاء والصحراء وطنا ومسكناً، فلتحفتم السماء غطاءاً، والأرض بساطاً، وتناولتم الطعام الجِشب، وجستم خلال الدیار تتنقلون من مكان الى مكان، كنحلة أینما تقف تضع عسلا،
فأستنھضتم ھمم الرجال، وأثرتم دفائن العقول من - شیبة مباركة - وشباب - وغلمان لأستنقاذ العباد والعرض والأرض، من
شراذمة العصر - داعش - وكنتم في مقدمة الوغى مع الحشد الذي لبى نداء المرجعیة الرشیدة، مرابطون على السواتر تسطرون أمجاداً وأنتصارات ضد علوج وشذاذ الأرض، فجففتم منابع الأرھاب حتى تحررت، فكاد لكم الأستكبار العالمي (الشیطان الاكبر )وأذنابھم، ونفذوا مكرھم، فقصفت مسیّراتھم موكبكم ظنا منھم أنھا أنھت أسطورة المقاومة في العراق وفي لبنان وسوریاوالیمن وفلسطین، وتُمسك وتضعف عجلة تقدم الثورة الأسلامیة
الأیرانیة قال تعالى: (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) ولكن ھیھات ھیھات ذلك، فقد و ِلدت من رحم
المعارك المقاومة والممانعة، وزاد من أصرارھا وعزیمتھا الأخذ لثأركم، وأستبسالھا وأستمرارھا كفیل لطرد الغزاة المحتلین من العراق، وأجبارھا على تحدید آلیات الانسحاب من الشرق الاوسط
بضمانات دولیة. وأصبحت الجمھوریة الأسلامیة الأیرانیة صاحبة حق في الرد، وأكثر حزما وقوة بشأن أمن برنامجھا النووي والعقوبات الظالمة المفروضة علیھا، ولا مكان لأنصاف الحلول بعد الآن. ھذا ولشخصكم الكریم سیدي سلیماني عدة أبعاد، أسمح لي أن اتناول بُعد من أبعادھا وأتأمل في صورتك (الشھداء أحیاء عند ربھم یرزقون) أرى أبتسامة عذبة تُخبرنا عكس ذلك، وحزن عمیق یلفه غموض قد كحل مقلتیك. ما ھذا الحزن یا تُرى؟
كأنك عاشق فقد محبوبته؟
ھل ھو لفراق الأحباب من الاھل والاصحاب؟
أم ھو اشتیاق لرفاق قد سبقوك الى رحمة الله! ام یا تُرى ھو حزن من نوع أخر! فأنت بمقدورك الرجوع لبیتك وممارسة ترف العیش!
بلى انهُ حزن من نوع أخر، كأني بك أستحضرت مشاھد من ملحمة الطف، أرى فیھما معارك وملاحم الماضیّن، ولوعة الأرامل ودموع الأیتام، لھذا أرى الحزن والذبول. أم ھو من كثرة البكاء والتذلل والخشوع حبا وشوقا لله عز وجل؟
نعم كما قلت في وصیتك: (فقد إمتلأت شرایین وجودي وشعیرات أوردتي كلھا بالعشق الیه) فحبك لأھل البیت وتعلقك بالأمام المھدي علیھم السلام زادك حكمة وطاعة، حیث ُعرف عنك أنك رجل - بسیط - ھادئ - قلیل الكلام - یستمع للأخرین - تدمع عیناك عندما تذكر رفاقك الشھداء - لا تخشى أزیز الرصاص - ولا ترتدي أي درع - ولا تستقل العربات المصفحة في جبھات القتال، صندید شجاع كشخصیة مالك الاشتر صلوات الله علیه، في صولاتك على أعداء الدین والأنسانیة، فأنت سیدي إنسان - عرفاني - عاشق - ُمتیم - ذو شخصیة عسكریة سیاسیة دبلوماسیة محوریة، كان لكم قصب السبق في محاربة أعداء الدین أینما وجدوا، لم تداھن الظالمین وأخرست الأعداء غیضا وحقدا لبأسك الشدید، فتجسدت فیك مكارم الأخلاق، من نكران الذات، والصبر، والرقة مع أقرانك، والشجاعة ضد أعداءك، والتواضع رغم مكانتك ومركزك العسكري تقول: (سأبقى دائما جندي بسیط في خدمة أیران والثورة الأسلامیة) حتى ُسمیت بالحاج وأسقطت كافة المسمیات والرتب، وأنت قائد فیلق القدس وأقوى مسؤول أمني في الشرق الأوسط، والرجل الثاني في إیران بعد الإمام خامنئي الذي وصفك (الشھید الحي) فأرھب صیتك الأعداء، وناجزت الطغاة حتى نلت منھم، وأكتسبت شھرة شعبیة كبیرة بین العدید من البلدان، فأحبك شعبك والشعوب الأسلامیة ومن عرف قدرك.
وختامھا مسك مع رفیق دربك المخلص الصنو، أبو مھدي المھندس (جمال)وجمال روحك سیدي قد فاح شذاھا الافق، فانت بلسم وأب حنون لجنودك، فأحبوك لبساطة نفسك ورقة مشاعرك،
وحنانك على الجرحى وتفقدك لھم، وزھدك بملذات الحیاة، ولم تھن ولم تنكل في المطالبة بحقوق أولادك من الحشد الشعبي، وكنت مقداما شجاعا لا تبالي ان وقع الموت علیك او وقعت علیھ، تصول وتجول في الخطوط الامامیة للمعارك، مع ابناءك الذین تستقبلھم بأبتسامة تُذھب عنھم الجوع والتعب، حین تداعب أصابع یدیك الكریمة وتراقص َشعر لیوث الوغى وتنفض عنھم تراب
المعارك. فنم قریر العین سیدي سلیماني وجمال، لا نامت أعین الجبناء، فقد أخترتم طریق الله فذھبت أرواحكم وتحررت وأنطلقت تجوب عنان السماء، فرحا وإبتھاجا مستبشرة بنصر من الله وفتح قریب (یرونه بعیدا ونراه قریبا) تعانق إخوان لھا قد قضوا نحبھم في خطى السیر الى الله. وعلى أثر خطاكم ستحرر كل أرض مغتصبة شاؤوا ام أبوا، على ید رجال ممھدین لأمره لا تأخذھم في الله لومة لائم، لیعم الأمن والسلام، وتشرق الأرض بنور ربھا وتسحق خفافیش الظلام.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha