المقالات

شرعنة الشذوذ الجنسي..!


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

يكاد يصبح "الشذوذ الجنسي" ظاهرة شرعية مقبولة اجتماعيا وقانونيا في اغلب البلدان الغربية التي يقترن اسمها عادة بالديمقراطية والحضارية والحداثة. وفي الكثير من المعاملات الرسمية التي تتطلب منك ذكر "الجنس" لم تعد الاستمارة تكتفي بعنواني ذكر او انثى انما اضيفت اليها عناوين اخرى منها "شاذ جنسيا". طبعا هم لا يستخدمون كلمة "شاذ جنسيا"، وانما يستخدمون عبارات تغطية اخرى مثل "مثلي"، اي الشخص الذي يمارس الجنس مع شخص اخر مثله جنسيا، اي ذكر بذكر، وانثى بانثى. وهنا اؤكد على المصطلح. فنحن نتحدث عن "انحراف جنسي" او او الشذوذ الجنسي او "اللواط" بالنسبة للرجال.  هذا هو المصطلح الصحيح، وكل المصطلحات الاخرى انما تستخدم للتغطية على بشاعة ظاهرة الشذوذ الجنسي التي تجتاح المجتمعات الان.

هذه الظاهرة ليست جديدة. فقد عرفها الانسان منذ قديم الزمان. وهناك ما يشير الى وجودها في الامبراطورية الرومانية مثلا. وقد دان القران الكريم هذه الظاهرة وهو يتحدث عن مجتمع النبي لوط عليه السلام الذي ابتلي بهذه الظاهرة وذلك في قوله تعالى:"إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ". (الاعراف81)  واطلق القران على الظاهرة وصف "الفاحشة" في قوله تعالى:"وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ." (العنكبوت 28)، وهي مشمولة بقوله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ." (النور 19)

نقول ان هذه الظاهرة انحراف. لكن انحراف عن ماذا؟ والجواب: انها انحراف عن الفطرة.   التي يذكرها القران الكريم في قوله تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ؛ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (الروم ٣٠) وقوله تعالى:"وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ" (البينة 5). والفطرة هي الدين القيم. والفطرة هي الكيفية التي خلق بها الانسان. ومن هذه الكيفية انقسام الجنس البشري الى جنسين فرعيين هما الذكر والانثى، وقد زُوّد كل منهما باعضاء تتيح لهما ممارسة الجنس مع  البعض الاخر لاغراض المتعة وادامة الجنس البشري.والثانية هدف غاية، في حين الاولى هدف طريق. والانحراف الجنسي او الشذوذ الجنسي قد يوفر المتعة الجنسية للشاذين او المنحرفين جنسيا (وهذا هدف طريق)، لكنه يقطع الطريق عن هدف الغاية، اي ادامة الجنس البشري. ويتمثل الانحراف الجنسي في ممارسة الجنس في غير ما ارادت له فطرة الانسان.

ويجب ان اوضح ايضا الجنس بين الذكر والانثى، المعبر عنه قانونيا بالعلاقة الزوجية، هي من سنن التاريخ من النوع الثالث حسب تقسيمات السيد محمد باقر الصدر الذي اطلق على هذا النوع عنوان "الاتجاهات العامة في التاريخ". وهذا النوع من السنن التاريخية يقبل التحدي والانحراف، لكن الى حين. فلسوف يأتي يوم تسحق هذه السنة التاريخية، بوصفها اتجاها عاما في حركة التاريخ، المجتمعات التي تنحرف عنها وتتحداها، كما حصل لمجتمع النبي لوط او اهل مدينة بومبي الرومانية الواقعة على البحر المتوسط بالقرب من مدينة “نيبلس” الإيطالية، وكانت عامرة أيام حكم الإمبراطور “نيرون“، واشتهر اهلها بالزنا واللواط والانحراف الجنسي.

لا يمكن ان يحظى الانحراف الجنسي بحماية الدولة عن طريق شرعنته قانونيا، وهو لا يذكر ضمن عنوان  "حقوق الانسان" المنبثقة من الفطرة، والفطرة لا تدافع عن الانحراف عنها.  و ما تقوم به الدول الغربية اليوم هو تشجيع للانحراف، وهو نكوص كبير او انتكاسة كبيرة في المسيرة البشرية الشاملة نحو الدولة الحضارية الحديثة.

المنحرف جنسيا شاذ عن الفطرة، وقد يكون هذا الشذوذ لاسباب جينية او تربوية. وتقرير اي من الحالتين يعود الى العلماء. وفي الحالتين يتعين علاج الشخص المنحرف او الشاذ كما يعالج المدمن على المخدرات او المصاب بالسرطان. وهذا من حقه.

 

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك