قاسم العجرش ||
خلال عام واحد؛ يمتد من أواخر عام 1916 الى أواخر عام 1917، أعاد الغرب الأستعماري رسم خارطة المنطقة العربية، الى شكل، هو الذي نحن في صورته الآن..
في عام 1916، كانت سايكس بيكو المعاهدة الأستعمارية الشهيرة، بين القوى الغربية التي تقاسمت المنطقة بينها..
في عام 1917 كان "وعد بلفور"، الذي منح الغرب به أرضا لا يملكها، لليهودي روتشيلد، معتبرا أنها أرض بلا شعب..!
الكبار من عمري، كانوا يخرجون في شهر تشرين الثاني من كل عا،م محتجين على وعد بلفور..آخر مرة خرجنا فيها للأحتجاج كانت ربما في العام 1968، وبعدما جاء الحكم البعثي للعراق لم نعد بحاجة للأحتجاج، فقد بدأنا مرحلة الأحتفالات بالصمود والتصدي، وأناشيد "الله أكبر"، و"والله زمن ياسلاحي" و"موطني "، وفلسطين عربية فلتسقط الصهيونية..!
خلال قرن كامل، وبعد خروجنا من أسر الأمبراطورية العثمانية، لم نستطع التخلص من هذا الأسر!..فمع أن الدولة العثمانية ؛والتي كان الغرب الأستعماري يطلق عليها؛ تسمية "الرجل المريض" قد ماتت، وحلت محلها الجمهورية التركية العلمانية، التي خلعت الطربوش ولبست القبعة الغربية، تلك الجمهورية التي أسسها اليهودي أتاتورك (من يهود الدونمة، إلا أن المنطقة العربية؛ لم تستطع التخلص من آثار 500 سنة من ألأحتلال التركي...
تتذكرون أو لعلكم قرأتم؛ أن رئيس وزراء المملكة العراقية عبد المحسن السعدون، والذي مازلنا نحتفظ له في قلب بغداد بتمثال في شارع يحمل اسمه، لم يكن يحسن التحدث باللغة العربية أو الكتابة بها، مع أنه عربي من أسرة عربية عريقة في لواء المنتفك ـ الناصرية لاحقا ذي قار تاليا..!
الحقيقة؛ أن آثار الأحتلال التركي ليس من السهل إقتلاعها، فهي آثار تغلغلت؛ في عمق ثقافة جزء كبير من شعوب المنطقة، وكان الأتراك وعلى الرغم من غطرستهم وعنادهم وبطشهم، إلا أنهم قرأوا التاريخ جيدا، وفعلوا ما فعله كل المحتلين على مر التاريخ..لقد دانوا بمذهب أغلبية السكان، فاعتنقوا المذهب السني، مطوعين المفردة الدينية في خدمة مصالحهم وثقافتهم...
النتيجة أن العرب تخلوا عن هويتهم الدينية والقومية، لصالح الهوية القومية والدينية للمحتل التركي، ولقد كان تخليا بإطار مذهبي بأضيق صوره، إذ أن الغازي التركي كان مجتهدا، في تطويع مذهب السكان لصالحه، فتولى الخلافة التي كانت منحصرة بقريش، وفقا لنص لا لبس فيه تواتره كل المسلمين،الى صناعة نص جديد يجوز له أن يحكم بأسم الخلافة الإسلامية، هذا الأسم البراق عاطفيا ودينيا.. فتشكيل مذهب جديد بعنوان قديم..!
عشية الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، والتي امتدت من العام (1914 - 1919) يعاد رسم خارطة جديدة للمنطقة العربية، تتوائم مع المصالح الغربية وتلبي طموحاتها، وتؤمن بقاء وتسيد الدولة العبرية الى الأبد، وبرعاية الدين التركي القديم الجديد..
كلام قبل السلام: الغريب في الأمر؛ أن الدولة التركية كانت تتسابق مع الدول الأخرى، على الأعتراف بأسرائيل كـ «دولة يهود العالم»..لكن العرب بقوا على الدين التركي.!
سلام..
ــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha