رسول حسن نجم ||
في كل الدول المتقدمة في العالم نجد القانون هو الحاكم ويطبق على الجميع بشفافية وعدالة وسرعة في التنفيذ ، وليس للرشوى والضغوط موضع قدم فيه ، لذلك نرى الدولة قوية والثقة بين الشعب وبينها عالية جدا ولاتتأثر بتغيير الحكومات المتعاقبة على إدارة دفة الحكم فيها.
مايهمنا في هذا الموضوع هو الشأن العراقي ، حيث تعاقب على السلطة التشريعية في العراق الكثير من النواب ممن لايفرق بين الدولة والحكومة ، الأمر الذي إنعكس سلباً على التشريعات في مجلس النواب منذ تأسيس الدولة العراقية الديمقراطية بعد ٢٠٠٣ والى الآن ، فلم يولي المشرع العراقي اهتماماً بأُسس بناء الدولة التي من شأنها تعزيز الثقة بينها وبين المواطن ، لا وضع مادة (عصبوية) تُستَغَل لزعزعة الثقة في الدولة ، لأن العلاقة بين الدولة والعشيرة علاقة عكسية ، فكلما ضعفت الدولة قوِيت العشيرة والعكس صحيح.
وهذه المادة هي (٤٥ ثانيا) من الدستور وهي فقرة ضمن مادة واحدة من أصل ١٤٤ مادة والتي تنص ( تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية وتهتم بشؤونها بماينسجم مع الدين والقانون وتعزز قيمها الانسانية النبيلة وبما يساهم في تطوير المجتمع وتمنع الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان).
والنهوض بها يعني إنعاشها للقيام بدورها التوعوي في إسناد وسيادة الدولة ، لا أن تكون بديلاً عنها ، او تتعملق لتُكوِّن دولة داخل الدولة كما يفهمه البعض ، ويريدون منها ان تُمهد الطريق لحكم العشيرة للدولة كما هو الحال في دول الخليج ودول عربية أخرى والمُستَمَد وجودها ليس من العشيرة أو العائلة الحاكمة كما يدَّعون ، وإنما من الاستكبار العالمي الذي جاء بها ، ولاحياة لهذه الدول بدون المستعمرين.
ولو سلمنا بالإبقاء على هذه المادة
فمنطوقها وسياقها يُفهَم منهُ تهذيب السُنن العشائرية بما ينسجم مع الدين والقانون ، وتَمنَع (الدولة) الأعراف العشائرية... والمنع هنا يحتاج إلى القوة في كثير من الأحيان ، فأغلب الفصول العشائرية إن لم يكن جميعها لاتمت للدين والقانون بِصِلة ، فإن قيل إن قسماً من المواد القانونية أيضاً لايمُت للدين بصلة وهنا الجواب يكون بِوجوب تعديل القانون بما يتوافق مع الدين ، لأن الدستور زاخر بالمواد التي توجِب منع تشريع أي قانون لايتوافق مع أحكام الدين الإسلامي الحنيف.
ويبقى سؤال وهو ، لو فرضنا جدلاً إن المرجعية الدينية العليا أصدرت فتوى بوجوب الجهاد مثلاً كما حصل في فتوى الجهاد الكفائي عام ٢٠١٤ ، وهب أبناء هذه العشائر الغيارى للقتال والدفاع المقدس ، فهل ياتُرى هَبّوا استجابةً لتوجيهات وأوامر شيوخ عشائرهم ام استجابةً لفتوى المرجعية العليا؟! ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha