كوثر العزاوي ||
السَماويّون ومَن يتّكِئ عليهم وَجَعُنا! حَلَّقوا حيث مقامهم وَارتَحلوا عَنّا، وفِي كلِّ بُقعةٍ من الذّاكرَة ثمّة شَهيدة أو شهيد يَجوبُ فضاء خواطرنا كل يوم، يكاد سنا برقِ أطيافهم تأخذُ بالألباب فتُمسي سماؤنا "كالكَوكب الدُرِّي" يُوقِد الشَّوق فينا، يُذكّرنَا أن الجهاد عَقِيدة ففناء! فذاك الصّنف من العشّاق عرفناهم بسيماء الشهادة قبل ان يستشهدوا، كأنّ جباهُهم لوح عكس خطّ مآلهم ب"نون والقلم" يذوبون في قضاياهم، فلا يَعنيهم أن يَعرِفَهم النّاس، أربابُ صَنعة "نكران الذّات" وعناوينَ كدحٍ حدّ الإختفاء، ذاك الصّنف الّذي يَسأل النّاس عنهم عندما يلوح الورد الأحمر: مَنْ هم وأين هم؟؟! فينكِرون فضلهم ويُدبرون! يتجاهلونهم وهم كضوء الشّمس في العطاء، كالودق يَخرجون من خلال الرُّكام ليبعثوا الجمال، يتواضعون إلى حدّ يثير الذّهول، يسخر منهُم الحمقى، لكنّهم يستمرّون يعطون ولا يأخذون، قد بَراهم الإخلاص بَريَ القداح، كوصفِ النّهج، ينظرُ إليهم النّاظر فيَحسَبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقال: قد خولِطوا، اي "جُنّوا"، ولقد خالطهم أمرٌ عظيم ، لا أحد مثلهم، لا أحد يُشـبـهُـهـُم!! ولايضاهى بِرَّهُم!!
سـيكتب التاريخ يومًا عنهم!
ثمة ثلة مـن الرجال الرجال وثمّة نساءٍ كالشجر باسقات شامخات، صنعوا ماعجزت عنه كل الأمم، وطائفة منهم تشهدُ لهم السواترَ يرابطون حتى الموت، يقفون بهامة الشموخ والإباء، وهيبة الفوارس، يصنعون من كل مشهدٍ حكاية، يعشق الكاتب سردها بلا ملل، حتى إذا ماانتهى بانت حكاية أجمل!! هم رجال الكون والساحة، منهم العالِم الحكيم ، والطبيب الشفيق ، والمعلّم الرفيق ، والكاتب النّحرير ، والمؤرخ الأمين ، والعارف المربّي، إنهم والله لمَعشَرٌ ملكوتيّ صَدَقوا وصدقنَ، وعاهدوا الله على المُضي، فمنهم من قضى نحبه شهيدًا راغبًا عن الدنيا وزخرفها، ومنهم من ينتظر ومايزال قابضًا على جمرة دينه وعفّته، وحسبُهم جندٌ مجهولون إذ حرصوا أن يكونوا بمنأى عن أضواء عوالم الفتن والتداعيات، لعلهم يبلُغوا المصداق من صادق آل محمد "عليه السلام" وهو يعظهم:
{إن قدرتم أن لا تُعرَفوا فافعلوا وما عليك أن لم يُثنِ الناس عليك، وما عليك أن تكون مذمومًا عند الناس إذا كنت محمودًا عند الله} تبارك وتعالى،
تيقّنوا أنّ كلّ عاشقٍ لامُحالة يَرتقي!
٥-ربيع الثاني١٤٤٤هج
١-١١-٢٠٢٢م
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha