نعيم الهاشمي الخفاجي ||
ما جرى بالعراق طيلة آل ٢٠ سنة الماضية كان بحق مهزلة، عشت في بلدان متعددة لم أرى بحياتي مثل ماحدث بالعراق من قتل وذبح وتهجير وسرقات بمليارات، رأينا سرقات في دول أخرى لكن تبقى مجالات الاختلاس محدودة أقصى ذلك مابين مائة ألف دولار إلى مليون دولار، والصحف تقيم الدنيا وتقعدها، إلا بالعراق للأسف السرقات تصل مئات ملايين الدولارات ومليارات وبطرق مشرعنة.
قبل أيام نائب اسمه مصطفى السند كشف قضية الـ"70 مليار" التي خصصها مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى مشتت كاظمي لشراء الأثاث والصيانة: تم تحويلها من الأموال المخصصة للقوات الأمنية في قانون الامن الغذائي، مبالغ للقوات الامنية أخذها لشراء آثاث بمبلغ ما يقارب خمسين مليون دولار، معامل نجارة مخصصة لإنتاج الآثاث سعر المعمل لا يتجاوز مليون دولار، معمل كامل فكيف يتم شراء آثاث بخمسين مليون دولار أمريكي، أي جريمة هذه، قبل عدة سنوات رأيت وجوه كالحة عند صديق رجل اعمال حول استيراد سكر لوزارة التجارة العراقية أعطاهم سعر يصل الكيلو بدولار واحد قالوا له نريد نكتب السعر أعلى بكثير نريد نكون أنفسنا، قال لهم انا غير مستعد اشترك بسرقة أموال فقراء شعب العراق.
غياب وجود قانون يعاقب السراق واللصوص اوصل للوضع لهذا الحال المزري، أتعجب يتم محاسبة موظف بسرقة بسيطة بالسجن ١٣ سنة بينما سارق المليارات يتم العفو عنه، يفترض يطبق قانون عندما يجدون موظف سارق أو مرتشي يتم معاقبة بفرض غرامات باهظة وعدم وضعه بالسجن واصادر أمواله، من غير المعقول تسجن موظف سرق مبلغ عشرة آلاف دينار عراقي تضعه بالسجن ١٣ سنة وتوفر له طعام وشراب وتدفع أموال للشرطة كحرس...الخ بينما لو يتم فرض غرامة عليه مبلغ مليوني لكان افضل الرابح الدولة والشعب ويكون الخاسر هو اللص الحرامي عديم الضمير والانسانية.
انا عشت في مملكة الدنمارك في أول يوم من العام الجديد يتم إعطاء الأموال المخصصة لجلالة ملكة الدنمارك، والمبلغ المخصص لها ولضيوفها وحرسها لا تساوي نثرية شرب شاي وقهوة لإحدى الرئاسات الثلاث بعراقنا العجيب والغريب.
ساستنا لا يملكون مشاريع خدمية، والقوى المعادية تتقصد في العمل على حرمان العراقيين من الكهرباء والخدمات، انا بمعلوماتي الشخصية كنت على يقين وفي شهر أيار عام ٢٠٠٣ ان هناك توجه عربي بعثي وهابي يحرم الشعب العراقي من الكهرباء ومن المشتقات البترولية وهناك تخطيط لاستهداف التجمعات المدنية الشيعية لخلق أزمات للساسة الجدد، بيومها كتبنا وحذرنا وقلنا يجب إقامة محطة توليد كهربائية بكل محافظة عراقية مع مصفى تكرير بترول صغير لكل محافظة وبشكل خاص في المحافظات المنتجة للبترول، هاجمني إياد علاوي واتهمني في السعي لتقسيم العراق وتبعه قطعان غنم بانورج في كيل الاتهامات الرخيصة ضدي، النتيجة بعد عقدين صرفت عشرات بل مئات مليارات الدولارات على الكهرباء وشراء المشتقات البترولية وليومنا لاكهرباء في هذا البلد بل العراق يستورد الكهرباء من السعودية والكويت والأردن وإيران وتركيا وربما نستورد الكهرباء من الصومال، وصلت الحالة الأردن تقوم في بناء محطة توليد وكذلك السعودية تقوم في بناء محطة توليد مخصصة لبيع الكهرباء للعراق.
في الختام تولى السيد محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة فرصة جيدة يمكن أن يستغلها جميع الأخوة الساسة من الإطار والتيار الصدري للعمل على خدمة المواطنين واعادة الثقة مابين الطبقة السياسية للمكون الشيعي مع جماهيرهم وحاضنتهم المجتمعية، ببساطة يمكن إيجاد حلول للكهرباء، كل محافظة تقيم محطة توليد خاصة بها، كل محافظات الجنوب مصدرة للبترول، شركات النفط الصينية والروسية مستعدين لعمل محطات توليد كهربائية وفي اسعار رخيصة في المحافظات المنتجة للبترول، من النقاط المهمة إعادة النظر برواتب الرئاسات الثلاث التقاعدية ووضع حد لسرقة أموال الشعب، دعم القطاع الخاص والقضاء على الروتين، على رئيس الحكومة لسماع شكاوي المواطنين وانصاف اي مواطن يشعر بالمظلومية.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
31/10/2022