المقالات

السياسة والأُمية ..

1628 2022-10-23

 

ا.د جهاد كاظم العكيلي ||

 

في منطق السياسة تجد الكثير من المفاهيم التي تصب في هذا النوع من العمل الذي يُلازم صاحبه صفات كثيرة كالذكاء، والقدرة على التحليل، وقراءة الواقع، والدراية، والكياسة، واللباقة، ومنه أيضا إجادة الحديث، والنطق، والمناورة، والصبر، والتبصر، والعزم والإرادة ..

وفي واقع الحال أن كل سِمات العمل في منطق السياسة هذه لم تكن مُتلازمة لدى الكثير من السياسيين بل لم تقدح حتى في أذهانهم، وهم على هذا الوصف لم يكونوا مُلمين أصلا بالمعرفة التي يُفترض أن تكون ناجمة عن دراسة وقراءة مُستفيضتين لبلوغ مرتبة عِلمية مُحددة، حتي تسمح لهم بالتأهل لكي يكونوا سياسيين بارعين ..

ولم يُخطأ الدبلوماسي والكاتب نيكولو مكيافيلي حين حدد قبل قرون فنون السياسة ومبادئها وصفات العاملين بها على النحو الذي ذكرنا، ثم جاء من بعده عُلماء كِبار أمثال فرنسيس فوكويام وأوليفييه روا وأرنو تاوش، وجعلوا لها منهجا وعِلما يُدرس بِكبريات الأكاديميات في العالم، وتخرج منها رجال كُثر، قادوا بلدانهم بنجاح وحافظوا على كرامة  شعوبهم وعرفوا كيف يوظفون السياسة بحكمة وكياسة وحُسن التصرف ..

أما نحن العرب، فمنذ أن دخلت السياسة في نظام الوارثة ونظام تناسل الأحزاب، أخذ الهوان يأكل بجسد أنظمتهم وشعوبهم، وما نجم عنه من خيبة وخذلان سيظل يُلاحقهم تِباعا من حُقبة إلى حُقبة أخرى، ويعود سبب ذلك إلى فقدان الخصائص المُهمة في منطق السياسة، خصوصا فقدان المعرفة العلمية الحقيقية التي أستبدلت  بالمعرفة المُلصقة كلقب يطوف بهم بين أورقة الحكومة او العمل السياسي، وهم في الحقيقة ليسوا سوى أميون بنظر فطاحلة السياسة بل حتى في نظر من يُتابع ويقرأ المشهد السياسي قراءة صحيحة ..

وفي الحقيقة أن هذه الأمية بدت واضحة للعيان لِمن يُتابع ويقرأ ويسمع حينما يتناولون ويطرحون قضايا البلاد للنقاش، فإن كانت الأمية تُعرَّف بعدم القراءة والكتابة، فأن إنعدام الصفات المذكورة هي من أصعب الأمور بالعمل السياسي، والأصعب من ذلك كُله عندما تجد البلاد أنها مُكتظة بهذا النوع من السياسين في الدوائر التشريعية والتنفيذية وهم غير قادرين على قراءة مصلحة بلدهم قراءة صحيحة من خلال إيجاد السُبل الكفيلة للنهوض بالواقع الإجتماعي والإقتصادي والتموي للبلاد ..

وما يُحززنا حقا حين نجد ذلك التناسل السياسي يَلد لنا في البلاد دفعات تلو الدفعات من أمثال هؤلاء السياسبن على الصعيد الميداني والذين زجت بهم الأحزاب في غِمار عملية سياسية غير مُجدية، حتى صاروا أشبه بالقشور اللامعة في المظهر والمثقلة جيوبهم بالمال وهي الخالية أصلا من أيَّ معرفة وتجربة سياسية ..

او ليس هذه هي الأمية السياسة بعينها التي أطاحت بهم وأطاحت بمستقبل بلدانهم؟ ..

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك