هادي خيري الكريني ||
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/ 155 – 157
وبترتيب رباني
1- الخوف
فلا هيبة للدولة ولا امان على النفس في اي لحظة تقتل وتسحل بالشوارع أمام أنظار القوات الأمنية وحمايتها للقتلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر..
قتل وسام العليان وأخوه بفعلة قلة نظيرها بالتاريخ وقتل الطفل هيثم البطاط والعشرات يوميا يقتلون ويسحلون بالشوارع واستعراض القتلة يوميا بالشوارع وترويع العوائل وضربها بكل انواع الاسلحة بل يصعدون على ظهور الدبابات ويقصفون العوائل بالصواريخ وليس أمام أنظار القوات الأمنية فحسب.
ولقد ظهر على شاشات التلفزة كيف يرتقون على ظهور الدبابات ويقصفون العوائل الآمنة ويخربون المؤسسات العامة والخاصة .
2- الجوع
يقول المثل العامي العراقي الجوع كافر تم تجويع شعب بكاملة برفع صرف سعر الدولار مما أدى إلى تضخم بأسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق وصلت الأسعار لمديات حتى من كان محاصر البلد لم يصل سعر كيس الطحين وهو المادة الرئيسة إلى سعر 50 الف دينار مع وفرة نقدية هائلة وصل الاحتياطي النقدي إلى 85 مليار دولار وهذا رقم رسمي ووصل الفائض النقدي نتيجة ارتفاع أسعار النفط إلى 200مليار تم نهب اكثر من نصفه هذا المبلغ من سراق يسيطرون على مقدرات البلد ومحمين من شريحة من المجتمع تدافع عن السراق بشكل لا يخطر على قلب عاقل أن تكون خائف وجائع وتدافع عن الذين ارعبوك وجوعوا اطفالك واذلوهم
الذي لايعرف التضخم (( هو زيادة اسعار السلع الاستهلاكية الضرورية بالعراق هي الطحين والزيت والسكر والرز مع ثبات الأجور )) والذي حدث بالعراق هو تخفيض الأجور
3- نقص المال
بعد رفع سعر الصرف قلة الرواتب إلى النصف واصبحوا ضمن العوائل الفقيرة وأصبح ما يحصل عليه الكسبة من جهدهم اليومي لا يكفي لنصف متطلباتهم المعيشية بل ادرجوا ضمن العوائل التي هي تحت خط الفقر وأصبح اكثر من 10مليون انسان تحت خط الفقر في بلد عدد سكانه 40 مليون ويعد واحد من أغنى خمسة بلدان بالعالم وربع شعبه لا يحصل على قوت يومه ( الذي لا يعرف خط الفقر هو عدم حصول الشخص على قوت يومه الحدود الدنيا ثلاثة ارغفة من الخبز بلا اي شيء آخر ثلاثة ارغفة ووارد العراق الشهري يعادل موازنة اربع دول عربية وموازنته تعادل موازنة ستة دول عربية او اكثر بما فيها مصر)
4-نقص الأنفس
وهذا رابع بلاء ابتلى به العراق موت الأطفال والشيوخ لعدم حصولهم على الرعاية الصحية وانعدام الخدمات بالمستشفيات الحكومية وهناك ظاهرة غربية لن تحدث باي بلد بالعالم اساتذة طب واخصائين موظفين بالدولة يدوم يوم واحد بالأسبوع وباقي الايام في المستشفيات الأهلية صباحا او بعياداتهم الخاصة صباحا أثناء الدوام المفروض هو بالمستشفى !
عليك ان تحسب حساب أي حالة طارئة سوف تتعرض للموت أو العمى أو عاهة مستديمة اذا استجدت عندك لان اذا راجعت الاخصائي عليك أن تنتظر اسبوع كامل ولا احد يعالجك بل من قاطع الباصات او التذاكر ( الذي يعطيك وصل بعد دفع الكشفية اذا طبيبك لم يكن يوم دوامه بهذا اليوم يرفض يعطيك الوصل ! الجواب طبيبك غير موجود وعليك انتظاره في يوم كذا ) خصوصا أصحاب الأمراض المزمنة تسجل عند طبيب معين خلص يضعوك بالحاسبة ومن تراجع يقولون لك طبيبك غير موجود ؟
واذا أضيف لهم الذين فقدوا حياتهم نتيجة جائحة كورونا فإن هذا البلد بأشد بلاء
5- نقص الثمرات
مات الزرع والضرع لشحة الماء وقطعه من دول الجوار وخصوصا تركيا 90% مياه العراق منها وتجارة هذا البلد مع العراق ونفطه من العراق ولو كان هناك ناس لديهم ذرة من الوطنية لتم ردع تركيا وحصل العراق على حصته المقررة دوليا ولكن عمالة القائمين على أمور البلاد أدت إلى القضاء على الزراعة وموت البساتين والنخيل وتدمير القطاع الزراعي بشكل شبه كامل ولن يفعل القائمين على الأمر شيء !
بل صرح السفير التركي تم قطع المياه لملأ السدود بموافقة وزارة الري العراقية وهذا أشد بلاء ممكن أن يبتلي به بلد أن يكون مسؤل بالدولة ويعمل لدولة أخرى..
وهنا نأتي بتفسير الآيات عند أهل العلم والفقهاء..
فيخبر سبحانه أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن ، ليتبين الصادق من الكاذب ، والجازع من الصابر ، وهذه سنته تعالى في عباده ، كما قال سبحانه : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد/ 31 ، وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) [الملك/ 2
فتارة بالسراء ، وتارة بالضراء من خوف وجوع ؛ فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ، قال تعالى : ( بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ) أي : بقليل من ذلك ؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله ، أو الجوع ، لهلكوا ، والمحن تمحص لا تهلك .
( وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ ) أي : ويبتليهم أيضا بذهاب بعض أموالهم ، وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية ، وغرق ، وضياع ، وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة ، وقطاع الطريق وغير ذلك .
( وَالأنْفُسِ ) أي : ذهاب الأحباب من الأولاد ، والأقارب ، والأصحاب ، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد ، أو بدن من يحبه ، ( وَالثَّمَرَاتِ ) أي : الحبوب وثمار النخيل والأشجار كلها والخضر ، ببرد ، أو حرق ، أو آفة سماوية من جراد ونحوه .
فهذه الأمور، لا بد أن تقع ، لأن العليم الخبير أخبر بها ، فإذا وقعت انقسم الناس قسمين : جازعين وصابرين ، فالجازع ، حصلت له المصيبتان ، فوات المحبوب بحصول هذه المصيبة ، وفوات ما هو أعظم منها ، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ، فرجع بالخسارة والحرمان ، ونقص ما معه من الإيمان ، وفاته الصبر والرضا والشكران ، وحصل له السخط الدال على شدة النقصان .
وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب ، فحبس نفسه عن التسخط قولا وفعلا ، واحتسب أجرها عند الله ، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له ، فهذا قد صارت المصيبة نعمة في حقه ، فلهذا قال تعالى : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) أي : بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب .
ثم وصف الله الصابرين بقوله : ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ) وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره .
( قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ ) أي : مملوكون لله ، مدبرون تحت أمره وتصريفه ، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء ، فإذا ابتلانا بشيء منها فقد تصرف أرحم الراحمين بمماليكه وأموالهم ، فلا اعتراض عليه ، بل من كمال عبودية العبد علمه بأن وقوع البلية من المالك الحكيم ، الذي هو أرحم بعبده من نفسه ، فيوجب له ذلك الرضا عن الله ، والشكر له على تدبيره ، لما هو خير لعبده ، وإن لم يشعر بذلك .
ومع أننا مملوكون لله : فإنا إليه راجعون يوم المعاد ، ليجازي كل عامل بعمله ، فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عنده ، وإن جزعنا وسخطنا ، لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر ، فكون العبد لله ، وراجع إليه ، من أقوى أسباب الصبر .
( أُولَئِكَ ) الموصوفون بالصبر المذكور ( عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ) أي : ثناء وتنويه بحالهم ( وَرَحْمَةٌ ) عظيمة ، ومن رحمته إياهم ، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر ،
( وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) الذين عرفوا الحق : وهو في هذا الموضع علمهم بأنهم لله ، وأنهم إليه راجعون ، وعملوا به : وهو هنا صبرهم
لله
16/10/2022
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha