د.أمل الأسدي ||
في كلية الآداب، جامعة بغداد، قسم اللغة العربية ، وفي بداية العام الدراسي 2002/ 2003 علمنا أن رئيس القسم (د. عناد غزوان) قد ترك رئاسة القسم، وجيء برئيس قسم جديد، ذلك الرئيس الذي يمشي ويصرخ ذاكرا البعث بمناسبةٍ أو من دون مناسبة!!
بدا القسم موحشا، وقد تم تركيب جرس يرن مع انتهاء المحاضرات، فشعرنا بعودتنا السريعة إلی أيام المدرسة والدراسة الإعدادية وما قبلها، وغادرنا الحياة الجامعية مع أول رنة جرس!!
وفي كل صباح يأتي الرئيس الجديد ويخاطب السيدة الطيبة التي تبيع الشاي تحت السلم: ياهو احسن هسة لو قبل؟
فتجيبه المسكينة : نفس الشي، كلكم خير وبركة!!
فيقول لها: لا لا.. گولي ياهو احسن هسة لو قبل؟
فتبتسم وتقول له: هسة احسن
يظن هذا الرئيس أن الإدارة الناجحة تكمن في الصوت العالي، أو في سكب الزيت علی المصاطب و الدكّات الاسمنتية حتی لايجلس الطلبة عليها!!
أو تكمن في ركضه خلف الطلاب الذين لم يدخلوا محاضرة ما، ليلقي القبض عليهم كما يُلقی القبض علی(الافرارية)!!
أو تكمن في تقريعه للطلبة وترهيبه لهم؛ لأنهم لم ينضموا إلی الحزب بعد!!
هذا الرئيس لم تدم فرحته طويلا، فسقط كبيرهم الذي علمهم البغضاء، ورحل ورحلوا معه، وبقي (د. عناد غزوان) نجما إنسانيا لامعا!
فالإدارة الناجحة تكمن في الفهم السليم لمعنی القيادة والرئاسة، الذي ينطلق من المفهوم الوارد في حديث الرسول الأعظم(صلی الله عليه وآله):( سيد القوم خادمهم)
لهذا كان (د. عناد غزوان) يتعامل مع الجميع علی وفق هذا المفهوم، فيلاطف الطلبة، ويقف يستمع إليهم،ويرد علی طالب المرحلة الأولی ويرشده إلی قاعته، ويدخل كل قاعات الامتحان بوجهٍ باسمٍ مستبشرٍ،ويسأل الطلبة: شلونكم اليوم؟
فالتواضع والابتسامة والسماحة صفات ملازمة لسلوكه التربوي والإداري، وهذه الصفات رفعته الی مقام الأبوة، وقمة النجاح لأيّ أكاديميٍّ أن يصل الی التأثير الأبوي في طلبته ومحيطه العام،و هولاء الأشخاص الذين يختارون البقاء في مقام الأبوة، يكسبهم الله تعالی طاقةً إيجابية جاذبة، فيحن المتلقي إليهم، ويشتاق إلی سماعهم، ويشعر بالبهجة والأمان حين يلتقيهم، ويخلد صوتهم في الذاكرة؛ ولهذه الأسباب أكتب الآن عن (د. عناد غزوان) وأستذكره وأستحضر صوته وابتسامته وهو يقول لأساتذتي: ترة هذي بنتي الحبيبة، بنتي المتفوقة!!
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha