علي حسين الاشرفي ||
بعد ان عُقدت إتفاقية لوزان، في ٢٤ تموز ١٩٢٣م، بقيت قضية الحدود العراقية_ التركية، معلقة! لتصبح هذه القضية، ورقة ضغط تستخدمها بريطانيا، على العراق، وقت ما تشاء.
أقحمت بريطانيا، عصبة الأمم، في هذه القضية، وإعتبرت إن تحديد مدة المعاهدة البريطانية لعام ١٩٢٢م حتى ٢٥ سنة، تبدأ من ١٣ كانون الثاني ١٩٢٦م، مرتبط بالإعتراف بولاية الموصل، كجزء من العراق.
كتب المفكر والتربوي السوري، ساطع الحصري، والذي عمل وزيرًا للمعارف في سوريا إثناء حكم الملك فيصل، وإنتقل معه إلى العراق، ليكون وزير المعارف العراقية أيضًا، ( إن عصبة الأمم، خيرت العراق، بين الموافقة على تحديد المعاهدة، والتنازل عن ولاية الموصل لتركيا)
أضطر العراق إلى الموافقة، على تحديد معاهدة عام ١٩٢٢م للمدة المقترحة، خوفًا من خسارة ولاية الموصل، وإنفصالها من العراق، لصالح تركيا، ولم يكن أمام مجلس الأمة في وقتها، إلا الموافقة على هذا التمديد، حيث صوت في عام ١٩٢٦م، بموافقة ٥٨ نائب، بالضد من ١٨ نائب كانوا قد عارضوا هذا القرار.
بهذا الوقت بقي الملك فيصل الأول، ساعيًا لتقصير مدة المعاهدة، أو تخفيف بنودها، فوجد إن مدة ٢٥ عام، كانت مشروطة وليس مطلقة! ( ما لم يُقبَل العراق، عضوًا في عصبة الأمم )
فأصبح هدف الملك فيصل الأول، هو العضوية في عصبة الأمم، لأن العراق إذا اصبح عضوًا في عصبة الأمم، ستنتهي كل العلاقات الإنتدابية، بين بريطانيا والعراق، رسميًا، وخاصة بعد أن إنتهت قضية الموصل، وإن مجلس عصبة الأمم، إعترف بكونها جزءً من العراق، أي إن المعاهدة الأولى، أصبحت فيما بعد، ورقة رابحة، بيد الملك فيصل، حيث إن مادتها السادسة نصت ( على جلالة ملك بريطانيا يتعهد، بأن يسعى لإدخال العراق في عضوية عصبة الأمم، في أقرب وقت ممكن)
بعد مباحثات طويلة، رافقتها ضجة كبيرة، وموجة إعتراضات، تم وضع معاهدة عراقية _ بريطانية، جديدة في ١٤ كانون الاول ١٩٢٧م، والتي جاء في مادتها الأولى ( إن العراق دولة مستقلة، وذات سيادة )، وحددث المادة الثانية فيها، تاريخ ترشيح العراق، لعضوية عصبة الأمم، بعام ١٩٣٢م، لكن! بثلاث شروط، منها أن يحتفظ العراق بمستوى التقدم الحاضر، وأن تسير الأوضاع، سيرًا جيدًا في نفس الفترة، وأن تتحسن العلاقات بين الحكومة العراقية، والحكومة البريطانية.
كان الشارع العراقي، غير راضٍ على تلك المعاهدة، وبقيت الوزارات العراقية، تطالب الجهات الحكومية البريطانية، بوجوب تحقيق دخول العراق، في عضوية عصبة الأمم، من دون قيد أو شرط! فإضطرت بريطانيا، إلى إصدار بيان في ١٤ ايلول ١٩٢٩م، والذي رشحت فيه العراق، لعضوية عصبة الأمم، في عام ١٩٣٢م، من دون قيد أو شرط.
وفي الثالث من تشرين الأول عام ١٩٣٢م، تم إلغاء الإنتداب البريطاني على العراق، رسميًا، وذلك بدخوله عضوًا في عصبة الأمم، ليكون دولة مستقلة، وذات سيادة.
بريطانيا كانت قد عقدت إتفاقية، مع العراق في عام ١٩٣٠م، وتمت الإشارة إلى وقت دخولها حيز التنفيذ بعد دخول العراق عصبة الأمم مباشرة، والتي إحتفظت بريطانيا في هذه الإتفاقية، بحق توجيه العراق، بالإمور السياسية والإقتصادية! وهذا يعني بأن الإنتداب إنتهى ولم ينتهِ.
وبهذا تكون بريطانيا، قد خدعت أجدادنا قبل ما يقارب المئة سنة، لنأتي نحن ونحيي الذكرى السنوية لهذه الخدعة، ونعتبرها عيدًا وطنيًا، وعطلة رسمية.
https://telegram.me/buratha