علي عنبر السعدي ||
- سبع سنوات - سمان
- مفردات جديدة – لقاموس جديد
- صراع المنجل والحقل
الديموقراطية والحريات العامة ، ليست مجرد مقولات عابرة ،أو وسيلة لنظام الحكم وحسب ، بل مرتكزات فاعلة لحيوية الفكر وتفاعلاته .
طوال سنوات الدكتاتورية ،كان الفكر العراقي في خمول وجمود كاملين ، فليس مسموحاً له الخروج من صندق ( البعث ) وشعارات القائد .
بدأ بعد 2003 ، يتنفس وينفض الغبار المتراكم ،ومن ثم البحث عن اشتغالات جديدة بمفردات جديدة ، لكن المفردات ذات الاستخدام الاجتماعي ،كانت هي الطاغية – كأسماء السيارات ،والمتعاملين مع الامريكان ، والخاطفين ،والارهابيين وغيرها - .
الحيوية الحقيقة للفكر العراقي ،بدأ عملياً بعد 2014 ، وخصوصاً حين ظهور الحشد ، فقد استقطب نسبة الحب الأكبر ، والكراهية الأكبر ، في الوقت عينه ، لذا استعر الخلاف حوله ، فقد زج كارهوه بمفردات من نوع : ذيول – ولائيين – مليشيات وقحة – سلاح منفلت – قتال بالنيابة – وسواها ، وقد احتلت هذه المفردات ،مساحة واسعة في الخطاب التعبوي والتحريضي ، عملت وسائل التواصل والفضائيات ،على انتشارها وشيوعها ، فساهمت بنوع من الحراك ،حيث يبحث هؤلاء عما يثبت صدقية خطابهم والأدلة عليه .
اصحاب هذه المواقف المناهضة للحشد ، بحثوا عما يميزهم ، فاختلقوا رموزاً من شتى النقائض ، من الرمز الديني ، الى المثال العلماني ،وتسميته الجديدة (مدني ) وكل هؤلاء ،تحولوا الى مستوى القداسة درجة (السجود) وان بمعناه الرمزي .
مقابل ذلك ، صنع المؤيدون للحشد ، مفردات من نوع : المقدس – النبلاء – المضحوّن- المجاهدون – المؤمنون ، لتستعر حرب من نوع أخر ، اتخذت من وسائل التواصل ساحاتها .
الفارق بين الاثنين لم يكن قليلاً ، فأصحاب الخطاب الأول ،دعمتهم او روجت لهم ،وسائل اعلام اقليمية ومحلية ، لم يكن لها سمعة طيبة عند العراقيين ، كما ان معظم مايروجه هؤلاء ، لم يكن مدعماً بأدلة ذات صدقية ،وبقي التداول على مايقال ،هو السائد ، ما جعله يستهلك نفسه مع الوقت ، وبالتالي يفقد الكثير من تأثيراته ، رغم انه اثار عواصف غبار هائلة .
أما الطرف الآخر ، فقد بدا متمهلاً ثابتاً ، لم يكن بحاجة الى الاكاذيب ، بل الكشف عنها ، وكانت الوقائع الميدانية ، تمنحه صدقية مايقول ، لذا ساد خطابه ،مقاربات قوية بواقعيتها وشواهدها ، وكلما ازداد ثباتاً ، ازداد خصومه ارتباكاً واستعجالاً ، ربما بادراك مسبق ان الوقت لم يكن لصالحهم .
كان ذلك الصراع اشبه بصراع المنجل والحقل ، يحاول الأول حصد ما نبت من سنابل ، لكن ، يعم العطاء فيما الحقل لا يتوقف عن الخصب ، ليعم العطاء .
الخلاصة من ذلك ، ان الفكر السياسي – والاجتماعي استطراداً – وجد نفسه وسط معمعة تدور رحاها بين فريقين عنيدين ، كل يحاول دحر الآخر ، لكن وفي تلك الأجواء ، اكتسب العقل العراقي ،مراناً لم يكن يعرفه من قبل ،ولم يسمع به .
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha