علي عنبر السعدي ||
في قصور النبلاء ، كانت الموائد تقام باستمرار للكبار منهم ، مع مايتخللها من طعام باذخ وشراب معتق ، لكن الأهم من ذلك أنها مناسبة لتقرير السياسات وتوزيع الغنائم وفرض المزيد من الضرائب ،سواء مايفرضه الملك على النبلاء ،أو مايفرضونه هم على فلاحيهم الفقراء .
ولما كانت تلك الموائد من الفخامة والبذخ ،مايحتاج ترتيبها والأشراف عليها ،الى شخص (مهم) يوكل اليه الأمر ،ليصبح ملازماً له ومنها تتحدد مكانته في السلم الاجتماعي (معدّ المائدة) .
هو أكثر من خادم ، لكنه أقل من نبيل ، فمكانته تشبه (القهوجي) في مضايف شيوخ الاقطاع ، يتوارثها الأبناء عن ابائهم .
منذ عقود طويلة ، وبعد الحرب العالمية الثانية ، أوكل لفرنسا دور (مدير اعداد المائدة) للدول الكبرى ، ففي مؤتمر يالطا ، الذي تم فيه تقاسم النفوذ بين المنتصرين – ستالين وروزفلت وتشرشل – لم يكن لفرنسا وجود ،فقد كان ديغول مجرد (مدير مائدة) ومن يومها لم يتغير دور فرنسا جذرياً ، رغم امتلاكها سلاحاً نووياً ودخولها في نادي الخمسة من اصحاب الفيتو .
حاول ميتران التملص من هذا الدور، حين صرح غاضباً ( صرخ ريغان ،عطس ريغان – لن أقف باستعداد ) لكن حدود تمرده وقف عند هذا الحدّ ، وعادت فرنسا الى لعب الدور الموكل لها دون تغيير(مدير اعداد المائدة ) .
اليوم يحاول ماكرون تغيير أو زحزحة ماكتب لفرنسا ، فيتدخل بنوع من (الاستعلاء) ليطلب التجديد للكاظمي ،متجاوزاً الدور المسموح له ، لكن يبدو انه لم يوفق ، وسيتخذ من تدخله ، مسببات أخرى اضافية ، لإزاحة الكاظمي .
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha