علي عنبر السعدي ||
العرض وداعتكم - سمعتها لأول مرة حين قالها صديق أخي ،بعد إن غادرنا بيته محاطين بالحفاوة والتكريم ،وكانت الكلمة تعني : اعذروني من التقصير واستروا على مابدر مني ، ،وقد ردّ عليه أخي بالقول: عرضك أبيض.
ثم سمعتها في مناسبات الزفاف ،فيقولها ذوو العروس : العرض وداعتكم ،فيسمعون ردّ أهل العريس : عرضكم أبيض .
الكثير مما ابتكره أسلافنا، كان يعبّر عن رمزية يعجز عنها جماعة الحداثة في الفن والأدب، رغم أنها كانت تمارس بشكل تلقائي ، من دون أن يتوقف أحد أمام مدلولاتها وخلفياتها الاجتماعية وما تحمله من الشفافية والإيقاع الجمالي.
صحيح أنها تراجعت، إلا أن أطيافها مازالت تجد صداها في مخيلتنا، ومن مثالها ماكان يحدث في أعراسنا، فأمّ العروسة تذهب معها الى بيت العريس ليلة الزفاف، وفي اليوم التالي، يقوم أهل العريس بشراء عدد من رؤوس " القند " وهي قوالب مستديرة على شكل هرم من السّكر، تغلف بورق بنفسجي زاهي اللون وتلفّ بخيوط من القطن، وهذه المكعبات تباع عادة في أسواق العتبات المقدسة (النجف ـ كربلاء ـ الكاظمية)، وما أن تعود أمّ العروس الى بيتها محملّة برؤوس القند، حتى يفهم الوالد والأخوة والأقرباء، أن كل شيء تمّ على مايرام، ثم تقوم الأم بتكسير رؤوس القند الى قطع وتضعها في صحون صغيرة لتوزعها على الجيران، كدليل على طهارة ابنتها، فرؤوس القند ، ترمز للبياض وخيطان القطن سياج الحماية ، وهي مشتراة من المدن المقدسة، فتصل الرمزية ذروتها، إنه قسم غير معلن،مفاده : ابنتي مصانة بطهر الائمة وبياض السّكر.
اليوم ،ملأ محاريث تنور الفيس ، وجواكر الإعلام ،حياتنا بالقبح ، فما أن لايعجب ماقاله أحدنا ذلك المحراث،حتى يستعرض كل ماحمله من سخام القبائح، ومافي جعبته من "الفضائح " .
،فماذا نقول لأمثال هؤلاء ؟؟ سنفعل كما قالها عادل إمام : أسِوِوووود - ونكملها : ياقفل الرداءة وفحم الأزمنة .
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha