د.أمل الأسدي ||
أود التحدث اليوم عن مشاهداتي أثناء مشاركاتي في المؤتمرات العلمية التي تقام في الجمهورية الإسلامية ، وتحديدا في جامعة فردوسي/ مشهد المقدسة، إذ شاركت في مؤتمراتها العلمية وملتقياتها مرات عديدة، وفي كل مرة أعود بشعورين متناقضين؛الأول: الشعور بالفخر والاعتزاز بالدولة الإسلامية التي تحترم المرأة وتقدمها، وتحافظ علی حقوقها، والآخر: هو الحزن والإحباط إذا ما قارنت ما رأيته بواقع المرأة في العراق أو في بعض البلدان العربية!!
فمنذ وصولنا المطار وجدت رئيس قسم اللغة العربية ينتظرنا بنفسه، واستقبلنا بكل احترام وترحيب شديد، وفي باب المطار فتح لنا باب السيارة بنفسه، وانتظرنا حتی ركبنا وأغلقها، وفي اليوم التالي عند الساعة﴿ الثامنة صباحا، بالضبط كما بلغونا، وجدنا السيارة تنتظرنا، ونزل الرجل بنفسه وفتح الباب لنا،وانتظر صعودنا أنا وزميلاتي ثم أغلق الباب، ليتضح فيما بعد أنه رئيس قسم اللغة الانجليزية!!
وحين وصلنا الی (Parse Hotel) الذي يقام فيه المؤتمر، وجدناهم ينتظرونا في الباب، ثم رافقونا الی القاعة، وكنت اتوقع أن تجلس النساء الباحثات والمشاركات في مكان مخصص لهن؛ ولكن وجدت الجميع يجلس معا في قاعة فخمة، ثم رافقنا رئيس القسم وطلب منا الجلوس في المقدمة إذا أردنا ذلك!!
وبعد لحظات عاد مرة أخری برفقة فتاتين من قسم اللغة العربية، وأوصاهما بملازمتنا ومتابعة طلباتنا ريثما يعود؛ لأننا لا نتحدث الفارسية، وبعد افتتاح المؤتمر وزيارة الإمام الرضا(ع) وقراءة دعاء الفرج، بدأ الباحثون بتقديم أوراقهم البحثية، وحين قدمت ورقتي عن "هندسة القصة في سورة الكهف" وقف رئيس قسم اللغة العربية، قرب المنصة للترجمة بنفسه،بدلا عن المترجمة،حفاظا علی نقل المادة بشكل دقيق!!
وفي كل مرة كنت أشارك فيها، أری التبجيل والاحترام للسيدات، من قبل الأساتذة، أو من قبل رجال الدين، حتی أن المرأة هناك لاتشعر بالفرق، بينها وبين غيرها من الباحثين الرجال، فكل له مكانته وموضعه وكيانه؛ ولكن مع اهتمام أكثر بالمرأة وتقديمها!!
وفي مؤتمر الأدب المقارن؛ استذكرت جامعة فردوسي(البروفيسور اللبناني فكتور الكك)* عام 2018 واحتفت بأسرته، وكانت لزوجته الكلمة الأولی في الملتقی، وكان للمرأة الحضور البارز في المشاركات البحثية، وفي الإدارة والتنظيم، وفي النشاطات الفنية الأخری!! وهكذا في سائر المؤتمرات والندوات فللـ(خانم) مكانة واحترام، وهذا الأمر أصبح ثقافةَ شعبٍ، يدعمها القانون ويحافظ عليها!
أما في مشاركاتي في العراق، فوجدت - مثلا- في مؤتمر علمي دولي، ينادی علی النساء من باب القاعة: النساء يجلسن علی اليسار !!
ثم يكرر المنادي نداءه فيقول: السرة الاول والثاني للرجال!!!
والغريب؛ أنه رأی سيدةً تجلس في الصف الأول، وهي عميدة إحدی الكليات، فطلب منها أن ترجع، فقامت مستسلمة ورجعت الی الصف الثاني، وقبل أن تجلس قال لها: بعد هذا الصف(بالسره الثالث)!!
وفي اختتام مؤتمر آخر، تم تكريم كل المشاركين من الرجال والأطفال والداعمين والمساهمين، وقارئ القرآن، ثـــم قالوا: سيتم تكريم النساء الآن!! وسرعان ماعدّلوا قرارهم، وقالوا : سيتم تكريمهم في قاعة أخری!! فلدينا ضيوف في هذه القاعة، وبينهم رجال دين...الخ
وفي ملتقی آخر، وجدنا نسوة(يلفتن رجل علی رجل) وتجلس إحداهن لصيقةً بزميلها، وبيدها سيجارة، تدخن وتقهقه، وتنفخ الدخان عاليا!
وما ان وقع نظرها علينا، رمقتنا بنظرة دهشة، وكأننا هبطنا عليها من كوكب آخر!! كوكب الاحتشام والإنسان السوي!!
لهذا؛ شتان بين أمةٍ تربي نساءها وبناتها تربية إسلامية، فاطمية قوية، زينبية شامخة، وبين أمة ينشطر تعاملها مع المرأة شطرين: الأول: يريدها مظهرا فارغا، مجوفا، خليعا!!
والآخر: يريدها هامشا وضيعا، ضعيفا، فصورتها عورة، وصوتها عورة، وحضورها نافلة!!
إذن؛ الفرق شاسع يا أمة" اللهم اجعلها في عيني بقرة"!!
ويا أمة" ناقصات عقول وناقصات دين"
ويا أمة"حملة تسريع قانون العنف الأسري المستورد"
والسلام علی مؤسس كيان المرأة وتمكينها في العصر الحديث،السلام علی الخميني الذي بنی دولة المواطَنة!
ـــــــــــــــــــــــــ
* الدكتور فكتور الكِك، هو من مواليد 1936 جبل لبنان، أُستاذٌ جامعيّ ممتازٌ لديه ثلاثُ شهاداتِ دكتوراه في آدابِ اللُّغةِ العربيَّةِ، وفي اللُّغةِ الفارسيَّة، وفي الفلسفةِ باللُّغة الفرنسيَّة. كما يُتقنُ عدَّةَ لغاتٍ: (العربيَّة، الفارسيَّة، الإنكليزيَّة، الفرنسيَّة)، توفي في 14/ 3/ 2017.
https://telegram.me/buratha