المقالات

فويلح وصقره..!


علي علي ||

 

" فويلح".. شاب يقطن إحدى قرى محافظة واسط، كان قد ربّى صقرا منذ صغره آملا ان ينفعه في الصيد، حيث كما هو معروف لدى مربي الصقور أن الصقر طائر يمتاز بالقدرة على الاستجابة لمربيه وأوامره، منها جلب الفريسة بعد اصطيادها. لكن الذي حدث مع هذا الشاب ان صقره دأب على التقاط الأفاعي السامة من الفيافي والإلقاء بها حية عليه، وهو الذي لم يألُ جهدا في تربيته، ولم يضن عليه بغذاء وعلاج خلالها، فاعتصر قلبه شاكيا معاناته فيما يلقاه من صقره ببيت دارمي، ذامّا حظه العاثر معه في خيبة الظن والخذلان حيث قال:

صگر الأزامط بيه گطَّع إديّه

            ينگل حيايه الچول ويذب عليه

  وأظن أن الشخصيات التي تتالت على حكم العراق، قد نحا بعضها منحى صقر صاحبنا "فويلح"، من خلال ماتتسببه من عناء ومصائب لأبناء الشعب، ولاسيما في سنين مابعد التحرر من (مشعول الصفحة) كما تحلو للبعض تسميته. فبعد انتهاء دور المجلس التشريعي من البت في قرار او قانون ما، يكون إكمال الدور على عاتق المجلس التنفيذي ومؤسساته، وأبسط مثال على هذا عصب الحياة الحاضرة وهو الطاقة الكهربائية.

  وجانب كهذا توليه دول العالم اهتماما خاصا، إذ تعتمد عليه باقي مفاصل البلد ومؤسساته دون استثناء، ويبدو من خلال تتبع السنوات التسع عشرة الأخيرة، أن المبالغ التي خصصت وصرفت في مجال قطاع الكهرباء، توحي بسرقات كبيرة يكشفها أي شخص بسيط، بمقارنة ساذجة بين مامصروف وما منجز على أرض الواقع، كما أن الأرقام المهولة التي ضاعت هباءً منثورا، تدل على أن هناك شبكة من الأشخاص تبدأ من داخل الوزارة، وتمتد الى آخرين خارجها تتراوح أدوارهم بين مقاولين وسماسرة وعملاء، وسلسلة من المتواطئين في مراحل الموافقة على صرف تلك المبالغ، وقطعا لاتخلو ساحة الاتهام من المفتشين داخل الوزارة، وكذلك نواب داخل المجلس التشريعي والرقابي.

 ولم يعد جديدا ولاغريبا ولامفاجئا للعراقيين، تصريح لوزير او إعلان لناطق او متحدث او بيان لمسؤول داخل وزارة الكهرباء، بمدى المصداقية التي ينطوي عليها كلامهم، فالعراقيون خبروا ولمسوا ورأوا كثيرا من ألاعيب وبهلوانيات سياسيين اتخذوا من الساحة العراقية (سيرك( لإبراز مهاراتهم وخدعهم، التي يمررونها على المتفرجين السذج. من هذه البهلوانيات التصريحات التي تشبه الى حد كبير استعراض العضلات الزائفة، ومحاكاة الفأر زئير الأسد، كتلك التي تصدر عن وزارة الكهرباء بشأن استقرار التيار الكهربائي، فالزيادة في عدد ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، لم تكن أكثر من كلمات ليست كالكلمات، أو هي اضغاث أحلام أقنع بها رؤوس التحكم في الوزارة المواطن البسيط، فهو على نياته السليمة، وأغلب قادته ذوو نيات مشيطنة يجيدها الأبالسة لاغير.

 فتداعيات خدمات التيار الكهربائي خلال السنوات التي أعقبت 2003 والوعود العرقوبية لمسؤوليها، والسرقات والاختلاسات التريليونية، أفقدت المواطن العراقي ثقته بالوزارة وبمنتسبيها من الكبير الى الصغير وبالعكس )داير حبل(. وقطعا وما لاشك فيه ان اختلاق المنجزات الوهمية، والمشاريع المزيفة والضحك على الذقون بتوفير التيار الكهربائي بفعل جهود مسؤوليها ومنتسبيها، يزيد من الهوة التي تفصل بين المواطن العراقي وبين وزارة الكهرباء، هذه الوزارة التي وضعت توفير الخدمات له بالمرتبة الألف، حسب جدول اولويات النفع الشخصي والمردودات الحزبية والإقليمية والجيبية.

ان وزارة الكهرباء هي إحدى الوزارات التي لاتقدم للمواطن إلا النزر اليسير، مما ملقى على عاتقها من مسؤوليات وواجبات تجاهه، وعلى هذا فهي الصقر الذي لايشق له غبار في سماء العراق، والذي لايباريه طائر آخر من طيور وزاراتنا، ولكن، لسوء حظ العراقيين أنها تشبه الى حد كبير "صگر فويلح".

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك