حسين فرحان ||
عندما تغادر العراق متوجها لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) في مشهد المقدسة، فأنك حين تقرأ الزيارة عند القبر الشريف ستردد هذه العبارة: ( اَللّـهُمَّ اِلَيْكَ صَمَدْتُ مِنْ اَرْضي وَقَطَعْتُ الْبِلادَ رَجاءَ رَحْمَتِكَ فَلا تُخَيِّبْني وَلا تَرُدَّني بِغَيْرِ قَضاءِ حاجَتي، وَارْحَمْ تَقَلُّبي عَلى قَبْرِ ابْنِ اَخي رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ..)، فبُعد المسافات وظروف أخرى قد تجعل من الزيارة أمرا صعبا ربما لا يُدركه المؤمن متى ما شاء، وقد مرت على شيعة العراق ظروف قاهرة حالت بينهم وبين أداء زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) لسنوات طويلة، وما يزال البعض رغم زوال هذه الظروف غير قادر على الذهاب ربما بسبب حالته الصحية أو ضعف حالته المادية أو لسبب آخر..
هذا الأمر ينطبق على زوار الإمام الحسين (عليه السلام) القادمين من كل مكان في الأرض، فهم كذلك قد صمدوا من أرضهم نحو قبلة الأحرار لنيل الفوز بدرجات هذه الزيارة، ولعل منهم من ينتظرها منذ عقود من الزمن، ولعل منهم من باع شيئا من ممتلكاته ليوفر ثمن السفر، ولعل منهم من قصر على نفسه وعياله ليجمع مبلغا معينا يصل به الى مبتغاه.. ولعل منهم من يؤدي الزيارة بالإنابة عن ميت كان يتمنى رؤية كربلاء..
نحن لا نعلم بظروفهم ولا نعلم بحيثيات رحلتهم، بل وبتفاصيل حياتهم.. تكليفنا أن نقف لهم إجلالا وإكبارا وترحيبا بهم، وأن نشكر الله تعالى الذي اختارنا ووفقنا لخدمة زوار الحسين الشهيد من أي مكان جاؤوا بما نستطيع، والذي نبذله وننفقه في هذا السبيل هو جزء من بركات كثيرة أغدق بها علينا مولانا الحسين (صلوات الله وسلامه عليه).. تكليفنا أن نكون (شيعة جعفر) في جميع شؤوننا وأن نبرهن للعالم أننا الشيعة الذين بشر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابنته الزهراء (عليها السلام) بهم بعدما أخبرها بقتله، فقالت": يا أبت فمن يبكي عليه؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟.
فقال النبي: يا فاطمة إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل"..
فنسأل الله تعالى أن نكون من المجددين للعزاء جيلا بعد جيل وممن يلتزم بإقامة العزاء على أتم وجه وأن نوفق لمواساة الزهراء (عليها السلام).
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha